صلاح صالح معمار

التفكير في التفكير ضرورة لا ترف!

الاحد - 23 يونيو 2019

Sun - 23 Jun 2019

قد استخدمت مصطلحات التفكير في التفكير، وما وراء المعرفة، وما فوق المعرفة، والوعي بالتفكير كمترادفات لمفهوم «Metacognition»، وهناك العديد من التعريفات لهذا المصطلح، ومنها تعريف Bruer الذي قال فيه إنه قدرة الفرد على التفكير في مجريات التفكير، أما Swanson قال إنه ترجمة وعي الفرد وقدرته، على أن يراقب ويكيف وينظم نشاطاته المعرفية، وFlavell يرى أن هناك مكونين أساسيين لما وراء المعرفة، هما معرفة ما وراء المعرفة وخبرات ما وراء المعرفة.

ولكن قبل التفصيل في مكونات التفكير في التفكير، أود الإشارة إلى أن كثيرا من الدراسات والأطروحات حول التفكير فيما وراء المعرفة ركزت على دوره في التعليم وفوائده على المتعلم، بينما هو مهم للجميع، سواء داخل إطار التعليم والتعلم أو كمهارة حياتية يجب إتقانها للوصول إلى التنظيم الذاتي، وذلك من خلال مراقبة طريقة تفكيرنا بوعي، للقضاء على كثير من عاداتنا الفكرية التي نمارسها دون وعي. لذا هي مهارة تهذب الشخص وتحوله من مراقب للآخرين إلى مراقب لذاته، وتحوله من السائل عن دور الآخرين تجاه المواقف التي تحدث له إلى السائل عن دوره فيما حصل أو سيحصل له. وعودة إلى مكونات التفكير فيما وراء المعرفة نجد أن هذه المكونات يجب أن ندركها ونتدرب عليها بوعي ومنذ الصغر، وهي:

-1 معرفة ما وراء المعرفة:

وتتكون بشكل أساس من المعرفة والمعتقدات المتعلقة بالعوامل والمتغيرات التي تتفاعل معا لتنتج مخرجات معرفية. وتتضمن ثلاثة عناصر، هي: معرفة الشخص والمهمة والاستراتيجية. فمعرفة الشخص تشمل كل ما تفكر به حول طبيعتك، وطبيعة غيرك من الناس. أما معرفة المهمة فتهتم بالمعلومات المتوفرة خلال العملية المعرفية، فربما تكون هذه المعلومات وفيرة أو ضئيلة، مألوفة أو غير مألوفة، مكررة أو حديثة، منظمة أو غير منظمة، ممتعة أو مملة.. وهكذا. وعليه فإن معرفة ما وراء المعرفة تتمثل بالطرق المثلى لإدارة هذه العمليات المعرفية. والعنصر الثالث المعرفة الاستراتيجية التي تتعلق بالكميات الهائلة من المعلومات التي يمكن اكتسابها بخصوص الأماكن التي تكون فيها الاستراتيجيات فاعلة في تحقيق الأهداف الرئيسة والثانوية.

-2 خبرات ما وراء المعرفة:

من المهم بعد التحكم في معرفة ما وراء المعرفة التحكم بوعي في خبرات ما وراء المعرفة، والتي قد تكون قصيرة أو طويلة الأمد، وبسيطة أو معقدة في محتواها، لأنها تحصل عادة في المواقف التي تتطلب كثيرا من الحذر والتفكير الواعي. وتستطيع هذه الخبرات أن تقود الفرد إلى وضع أهداف جديدة، أو تراجع وتلغي القديمة منها، وكذلك خبرات ما وراء المعرفة تؤثر في معرفة ما وراء المعرفة عن طريق حذف أو إضافة شيء ما إليها.

لذا من الضروري التحكم بوعي في المعرفة والخبرة وهذا التحكم يوصلنا لمرحلة التفكير في التفكير والذي يحتاجه صاحب المعرفة والخبرة، وليس كما يظن البعض أنه لمن يعاني نقصا في المعرفة والخبرة! وعدم التدريب على مهارة التفكير في التفكير يجعلنا نشاهد عددا من المختصين والخبراء وأصحاب الشهادات العليا يقدمون لنا تحليلات غريبة وأحكاما مضحكة وقرارات عجيبة وسلوكيات شاذة.

S_Meemar@