عبدالله المزهر

الانفصاليون الجدد...!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الخميس - 13 يونيو 2019

Thu - 13 Jun 2019

أعتقد أنه من المهم في هذه الأيام ـ أعني أيام تزاوج الكائنات السعودية ـ أن يطلع الزوجان قبل الشروع في تنفيذ الشراكة فعليا على إحصاءات نشرتها وزارة العدل تبين ارتفاع عدد حالات الطلاق. قد تكون هذه الأرقام سببا في التراجع قبل فوات الأوان، وقبل أن يصبح الزوجان رقمين إضافيين في إحصائيات الوزارة عن حالات الطلاق. هذه الأرقام جعلتني أشك أن بعض الناس لا يتزوجون إلا من أجل تجربة الطلاق.

والزواج ـ كما تعلمون ـ هو السبب الأول والرئيسي للطلاق، لكن الأسباب التي تلي هذا السبب كثيرة ومتعددة، لا يوجد سبب بعينه تسبب في هذا الارتفاع في أرقام الطلاق ودوافع الرغبة الجامحة في الانفصال.

ربما كان أحد أهم الأسباب هو أن إيقاع الحياة أصبح أسرع إلى درجة أنه أصبح من الصعب تحمل عبء أشخاص آخرين في هذه الرحلة ذات الإيقاع السريع والمتغير، وبعد أن تزول سكرة الرغبة في الزواج وتبدأ فكرة الحياة الواقعية يكتشف أحد الزوجين أو كلاهما أنهما أقل نضجا من أن يشارك أي منهما في تحمل المسؤولية عن الآخر.

بعض الأزواج يتفاجأ بعد الزواج أنه تزوج إنسانا آخر، يمرض ويغضب ويتغير مزاجه ويتعب ويمل ويكون سخيفا في مواقف وغبيا في أخرى كما تفعل بقية الكائنات البشرية، وهذا يتصادم مع الفكرة الخيالية التي كونها في عقله عن الشريك الذي لا يمرض ولا يتعب ويبدو دائما مبتسما في أجمل وأبهى حلة. والبعض يعتقد أن الزواج ليس سوى مجموعة من التنازلات يقدمها طرف واحد فقط، وتحقيق لرغبات الطرف الآخر فقط.

والأرقام التي أوردتها الوزارة ليس فيها تفاصيل تشرح تنوع الحالات، فقد يكون كثير من حالات الطلاق هذه كانت تخص الزواج الثاني، أي أن المطلق متزوج من أخرى، وانسحب من معركة التعدد بعد أن وجد أنها معركة خاسرة. وهذا ما أحاول أن أقنع به أحد الأصدقاء الذي تزوج من أخرى قبل أيام، وقد أدنت هذا الزواج وشجبته واستنكرته، لأسباب لا تجهلونها. والحقيقة أني لست مع فكرة الزواج من أكثر من زوجة ما لم يكن هنالك ظرف خاص وقاهر وقوي وفي حالة استثنائية. ربما يكون هذا رأيا خاصا بي يعارضني فيه الكثير، لكني لا أتخيل أن لدي القدرة على أن أعيش حياتين في وقت واحد، سأكون مضطرا للتمثيل والتصنع داخل المنزل أيضا. وأظن أن فكرة «المنزل» الأساسية هي أن يعيش فيه الناس على طبيعتهم. الحياة أقصر بكثير من أن نعيشها نتقمص شخصيات لا تشبهنا.

وقد تعبت جسديا من مجرد التخيل أني سأذهب من جديد أخطب وأتزوج وأشتري الهدايا وأجري مكالمات هاتفية مليئة بالكلمات المؤقتة، وأقيم احتفالا وأدعو الناس وأقابل شخصا جديدا أبدأ من جديد في إقناعه بأني إنسان عظيم ـ كما نفعل جميعا ـ وأني أحب كذا وأكره كذا، الفكرة في حد ذاتها مرعبة!

وعلى أي حال..

الزواج شجرة ماؤها المودة وهواؤها الرحمة، ما لم تتوفر هذه البيئة فإن الأمر ليس أكثر من هدر للحياة، لكن هذا الأمر للأسف لا يمكن معرفته قبل أن يكون الفأس قد هشم الرأس، ولذلك فإن الطلاق في أحيان كثيرة ليس حلا سيئا، لكنه مثل أي شيء آخر يفسده الاستخدام السيئ وغير المبرر.

agrni@