أحمد الهلالي

مقولة الخميني عقيدة ثأر إيرانية!

الثلاثاء - 28 مايو 2019

Tue - 28 May 2019

إيران دولة مارقة، ونظام مراوغ، وكذاب أشر، فمقترحها توقيع اتفاقية عدم اعتداء مع دول الخليج ليس إلا إحدى ألاعيب هذا النظام المخادع، فمنذ هزائمها في حرب الخليج الأولى قررت الابتعاد عن المواجهة المباشرة، حتى إنها لا تخجل مطلقا من تقبل الضربة الموجعة والصمت عليها دون رد مباشر، فقد استعاضت عن الرد المباشر بأذرعها وأذنابها في المنطقة العربية، وهي تنفق على هذه الفصائل كما تنفق على جيشها وحرسها الثوري؛ لأنها ليست إلا فرقا عسكرية إيرانية ترابط داخل أوطان عربية.

بعودة الذاكرة إلى أطول حرب في القرن الـ 20؛ حرب الخليج الأولى، فقد كبد العراق الإيرانيين خسائر هائلة، وتوغل العراقيون في العامين الأولين من الحرب داخل الحدود الإيرانية، وحين استجمعت طهران قدراتها واستطاعت دفع القوات العراقية إلى الحدود، نادى العراقيون بوقف إطلاق النار، لكن تأملوا شروط الملالي حين كانوا في موقف أفضل: رفض الإيرانيون وقف إطلاق النار إلا أن يدفع العراق تعويضا بـ 150 مليار دولار، ومحاكمة الرئيس العراقي أمام محكمة دولية، والسماح للقوات الإيرانية بالعبور إلى لبنان للاشتراك في الحرب الأهلية، فرفض العراقيون واستمرت الحرب ست سنوات أخرى.

بعد أن طرد العراقيون الإيرانيين من جزيرة الفاو وجزر مجنون عام 1988، واحتلوا مدينة (مهران) وجنوبها (دهلران)، صدر قرار مجلس الأمن بوقف الحرب، فقال الخميني منكسرا ومستاء عند إعلانه القبول بالاتفاق في خطاب إذاعي «ويل لي لأني ما زلت على قيد الحياة لأتجرع كأس السم بموافقتي على اتفاقية وقف إطلاق النار، كم أشعر بالخجل أمام تضحيات هذا الشعب»، وهذه المقولة أصبحت عقيدة ثأر عند نظام الملالي، تحفزهم على الاقتصاص من العرب جميعا، فالعراق هو المحارب الذي جرع إيران السم، ودول الخليج بما فيها (قطر) دعمت النظام العراقي ماليا ولوجستيا في الحرب، وستظل عقيدة الثأر محركا رئيسا للإيرانيين تجاه كل ما هو عربي، خاصة ومسمى تلك الحرب (القادسية) يستدعي التاريخ البعيد بكل حمولاته بين القوميتين العربية والفارسية.

سقط صدام حسين، وسقطت معه تلك المعاهدة الأممية، وامتطت إيران حصان المذهب لتتوغل في العراق تحت غبار الفوضى السياسية، ويصبح مسرحا لاستخباراتها، مستخدمة المال والنفوذ لأنصارها، والموت ضد كل صوت وطني يرفض وجودها، فانتقمت من العراق بإشعال الفتن الطائفية والحزبية والعرقية، وضربت المكونات العراقية بعضها ببعض، وهي مع كل هذا لم تغض طرفها للحظة عن انتقامها من دول الخليج، ولن تغض طرفها مطلقا، لكنها لا تريد الانتقام بمواجهة مباشرة، وتسعى جاهدة أن يكون انتقامها بضرب الخليجيين بعضهم ببعض، ولا أدل على ذلك من فرحها بمقاطعة قطر، ومبادرتها إلى فتح مجالها الجوي.

سقوط الإخوان، وعاصفة الحزم، ومقاطعة قطر، كلها ضربات مباشرة كشفت الغطاء بشكل أكبر عن خبث إيران، فتهور الإيرانيون وأحرق أوباشهم السفارة السعودية، فقاطعتهم خمس دول عربية، ثم انكشف دعمها لجبهة البوليساريو في المغرب، مما أدى إلى قطع علاقاتها أيضا، وظلت تتكشف خططها للقاصي والداني في فظائعها في اليمن وسوريا والعراق ودعمها لحزب الله في لبنان، وتهديداتها بإغلاق مضيق هرمز، حتى آمن المجتمع العربي والعالمي بخطر هذا النظام على أمن المنطقة.

إيران الآن في مواجهة مباشرة مع العالم، ولن تنفعها أذرعها الإرهابية في ظل خنقها اقتصاديا، كما أن طبول الحرب والمواجهة المباشرة تفزعها، وتعيد إلى أذهان الملالي ما تجرعه مؤسس ثورتهم (الخميني) في قادسية صدام، ومع أن المنطقة لا تحتمل حربا كبرى، ولا يريدها المجتمع العربي ولا المجتمع الدولي، لكن هذا النظام لا يردعه إلا الخوف، فلا معاهدات ولا اتفاقيات يمكن أن تقلل أو تخفف من الخطر الإيراني، فالكراهية والحقد والخراب أيديولوجيا مقدسة في أعماق ملالي الشر، ولن ينهيها إلا اقتلاع هذا النظام من جذوره.

قمم مكة الثلاث التي دعا إليها خادم الحرمين الشريفين كفيلة بلم الشمل العربي والإسلامي، لبناء موقف خليجي عربي إسلامي يضع حدا للممارسات الإرهابية الإيرانية، ونعول عليها أكثر من الموقف الأمريكي الرخو، إذ يبدو أن ترمب يواجه انقساما يمنعه من حشد الرأي العالمي لاتخاذ موقف حازم وقوي من النظام الإرهابي الإيراني، وربما يكون ذلك بسبب موقف الحزب الديموقراطي المعارض؛ لتقويض ترمب اتفاقية أوباما، ظنا منهم بأن النظام الإيراني يعترف أصلا بتلك الاتفاقية.

@ahmad_ helali