أحمد الهلالي

القمم المكية لحماية الدين والقومية من الشرور الإيرانية!

الثلاثاء - 28 مايو 2019

Tue - 28 May 2019

إيران اسم لم يعد يرتبط في ذهنية أبناء المنطقة العربية بالسجاد والكافيار والزعفران والسياحة والجمال الفارسي، بل ارتبط وثيقا بالإرهاب والشر، فقد محا نظام الملالي كل الصور الجميلة عن إيران قبل أن تعيث فيها أيديولوجيتهم السوداء، وأطماعهم التوسعية، والشرور التي يضمرونها، خاصة للعرق العربي المغضوب عليه في الثقافة الفارسية.

تستقبل مكة المكرمة قادة العرب والمسلمين في هذه الأيام المباركة بدعوة من خادم الحرمين الشريفين، بعد الاعتداءات الآثمة على سفن العرب في الفجيرة، وعلى أنبوب النفط السعودي، ولا تخفى الأيادي الإيرانية في هذه الاعتداءات، فهي النظام الذي أجمع العالم على أنه الوجه الحقيقي

للشر، أما اختيار المكان والزمان للقمم فإنه يحمل دلالات شتى، أهمها أن قبلة سدس العالم لم تسلم من الشر الإيراني منذ الثمانينات الهجرية، فلا الجوار ولا قدسية المكان كفيا أذى إيران، أما الزمان فإنه عشر رمضان.

إيران تحمل عقدتين قوميتين لا صلة لهما بالدين، الأولى تاريخية (فارسية) تكن حقدا دفينا للعرق العربي الذي هزم كسرى وقوض سلطانه، فلم يسلم قطر عربي من شرها، فتأملوا حال العراق وسوريا ولبنان واليمن والبحرين وخلاياها التجسسية في الكويت، ومخططاتها في مصر والسودان والمغرب والأردن وموريتانيا، واحتلال الجزر الإماراتية، ودسائسها مع النظام القطري، وتوغلاتها في أفريقيا، وأي قطر عربي يظن أنه سالم من شرها، ولم يظهر فيه دليل على التدخل الإيراني فهو قيد التأسيس، وسيظهر لاحقا، فالسياسة الإيرانية تعمل على مشروع توسعي ضخم بنفس هادئ، وبطرق مختلفة، مبنية على الخدع والحيل والمراوغات.

أما العقدة الثانية فهي حرب العراق لها، ويكفي ما شاهدناه في العراق منذ سقوط صدام حسين، وتوغل النظام الإيراني في أعماق السلطة السياسية العراقية، وبث الفوضى والفتنة والقتل والدمار، والامتصاص الاقتصادي، لكن العراقيين بكل مكوناتهم أفاقوا مؤخرا، وانكشف لهم الغطاء عن خبث النظام الإيراني وتآمره مع زمرة من أذنابه العرب على العراق وأهله، فعلى ما نهبت إيران من خيرات العراق، إلا أنها لم تقف إلى جوارهم في أزمة الكهرباء 2018 على صغرها، وارتفعت أصوات شرفاء المذهب الشيعي قبل السني تحذر من النظام الإيراني المجرم، وحتى إن زارهم ظريف ـ مرتجفا ـ قبل أيام، فقد عقدوا العزم على لزوم الحياد، وتجنيب العراق ويلات الصراعات التي تسببها إيران، فالعراق يعود جادا إلى أمته العربية.

ومن جهة أخرى ما يزال بعض العرب مخدوعين بالنظام الإيراني الذي يجيد اللعب والخداع، واستخدام كل الأوراق العاطفية المساعدة في تنفيذ مشروعه التوسعي، وأول ورقة يستخدمها الإيرانيون (المذهب الشيعي) فالمظلومية الشيعية، والصراع الطائفي، لم تكن جمرتهما حية في عالمنا العربي الحديث قبل نظام الخميني الذي غرر ببعض أبناء المذهب العرب فانقلبوا على أوطانهم، والورقة الثانية (فلسطين)، فقد ألهب أحمدي نجاد مشاعر المسلمين بتهديداته بمحو إسرائيل، لكنه لم يفعل، ولن يفعل غيره، وبعيدا عما يقال من اتفاق بين إيران وإسرائيل في السر، إلا أن الاحتلال الإسرائيلي قد أوجع الإيرانيين وأذنابهم في أكثر من موقع، لكنهم لم يردوا عليه برصاصة واحدة، فالهدف ليس إسرائيل، بل العرق العربي.

وللتأكد من العقدة القومية الإيرانية ضد العرب، سنرى أن كل حراكها يتجه إلى منطقتنا، فلا مشاكل كبرى لها مع جيرانها من قوميات أخرى على حدودها (باكستان، أفغانستان، تركمانستان، أذربيجيان، تركيا)، ولا أفعال نستطيع مقارنتها بأفعالها في البلدان العربية، وهذا كاف ليعلم العربي المخدوع أن هذا النظام عدو حقيقي للعرب، دأبه تمزيق وحدتنا، وخراب أوطاننا، وكلما زدنا وهنا زادت هيمنته وتحكمه في أوطاننا.

لم تنخدع السعودية بالثورة الإسلامية الإيرانية، واستمرت جهودها في محاولة احتواء الجار الثوري الجامح بكل السبل والوسائل، لكن الملالي اتخذوها هدفا لشرورهم ومؤامراتهم، فلم تجد بدا أن تكون هي خط الدفاع الأول عن الإسلام الصافي، وعن القومية العربية، ودعوة خادم الحرمين الشريفين للقمم المكية تأتي لتعزيز الدور الذي تلعبه السعودية في وحدة الأمتين العربية والإسلامية والدفاع عن قضاياها، كما أن الأشقاء العرب والمسلمين لن يرضوا مطلقا أن يمس السعودية سوء من إيران ولا من غيرها، وكلنا أمل أن يتفق القادة على التصدي للتوحش الإيراني في المنطقة العربية، وكبح جماح طغيانه وأوهامه.

@ahmad_helali