عبدالله المزهر

ظريف ووقح!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الاثنين - 27 مايو 2019

Mon - 27 May 2019

يبدو أنه لا فكاك من ارتباط شهر رمضان بالأعمال الكوميدية، وآخر هذه الأعمال الظريفة هو تصريح وزير الخارجية الإيراني ـ الظريف هو الآخر ـ والذي جعلني أنتظر من جاري صاحب البقالة الغبية في حينا، أن يطلب مني توقيع معاهدة تقضي بأن لا يوقف أحدنا سيارته أمام باب الآخر، ومع أنني الطرف الذي يشتكي الأذى إلا أنه بجح بما يكفي ليشيع بأن الأذى متبادل. ولا أظن أنني سأوافق على معاهدة كهذه لسببين، الأول أني أصلا لا أوقف سيارتي أمام بابه، ولم أفكر في فعل ذلك من الأساس، والثاني أن مشكلتي ليست مع سيارته تحديدا، ولكنها مع الزبائن الذين يرتادون منزله.

وهذه المعاهدة المنتظرة تبدو شبيهة بتلك التي يقترحها وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف على دول الخليج العربي، ويبدو أن الظرافة باتت سمة كل الجيران، سواء كان الجار دولة أم بقالة.

والحقيقة أني مقتنع بأن الفرس دهاة في المناورات السياسية، وبأن ظريف نفسه لا ينقصه الذكاء والدهاء والخبث السياسي، إلا أن اقتراحه هذا هو أحد أغبى ما سمعت في هذه الأيام، علما أن هذه الأيام تزدهر بالغباء والتصريحات التي لا تعلم كيف فكر فيها قائلوها، والوصول إلى المراكز الأولى في ظل هذه المنافسة المحمومة يدل على تميز حقيقي.

وقد لا يكون للأمر علاقة بالغباء من الأساس، وتكون «الوقاحة» هي الدافع الحقيقي لمثل هذا الاقتراح المستفز.

ظريف نفسه يعلم قبل غيره أن إيران وخلال تاريخها المعاصر والقديم ومنذ الإطاحة بكسرى كانت أجبن من أن تعتدي على أحد بشكل مباشر، هي تعتمد على توزيع الخراب عبر وكلاء محليين. ولا تتدخل بشكل مباشر إلا في حالات نادرة وفي أوضاع يكون وكلاؤها قد مهدوا لها الطريق بشكل جيد، كما حدث في سوريا.

إيران وظريفها يعلمون أن الأعمال التي يقوم بها وكلاؤهم أعمال قذرة، ووكلاؤهم يعلمون أنهم مجرد قفازات إيران التي سترمى في أقرب سلة مهملات بعد انتهاء مهمتهم. ولم تعد المناورات السياسية مغرية للتداول كما كانت الوضع سابقا، فكل الكائنات الحية على هذا الكوكب تعلم يقينا أن الحوثي إيراني وأن حزب الله إيراني وأن الحشد إيراني، وأن هناك أمثالهم ممن ينتظر الفرصة والحصول على وكالة جديدة لتوزيع الخراب في مكان آخر.

وعلى أي حال..

لا أعتقد أنه يوجد زبائن محتملون لبضاعة ظريف التي يسوق لها. الوحيدون الذين سيشترون تلك التصريحات هم الوكلاء السابقون، وهؤلاء معاييرهم منخفضة جدا ويقبلون أي شيء مهما كان رديئا بما أنه من إنتاج الموزع الرئيسي.

agrni@