عبدالله المزهر

أريد أن أصبح صديقا لإيران!

الثلاثاء - 21 مايو 2019

Tue - 21 May 2019

أنا شخص أكره الحرب، لا أستطيع حتى تصور فكرة ادعاء أني أحبها، وإن قيل بأن هذا دليل على أني جبان فسأقبل بهذا، مع أنه ليس يصح في الأذهان شيء، إذا احتاج النهار إلى دليل.

تضايقني المشاجرات بين الكائنات البشرية، سواء تلك التي تحدث عند إشارات المرور أو في مخابز الفول بين الصائمين، وتستخدم فيها العقل ـ جمع عقال ـ والشباشب والمشاعيب، أو تلك التي تحدث بين الدول وتستخدم فيها أسلحة أكثر فتكا بقليل.

ولكن هذا لا يعني أنها غير مبررة أحيانا، ففي أحيان قليلة كانت الحرب هي الحل الوحيد والمتاح والذي لا بديل له. ولذلك أجد الأمر مقنعا ـ وإن كان كريها ـ حين تحارب الدول أو الأشخاص أو حتى بقية الكائنات الحية دفاعا عن وجودها.

لكن الذي يزيد الأمر كراهة وبغضا ويجعله عصيا على الفهم هو وجود أشخاص أو دول تحب افتعال المشاكل مع أنها ليست في حاجة لها ولا مبرر لحدوثها.

إيران على سبيل المثال، دولة لديها كل المقومات التي تحلم بها أي دولة لتكون شيئا مذكورا، لديها التاريخ والحضارة والموارد الطبيعية والثروات والبحار والأنهار والتنوع البشري والمناخي والجغرافي وكافة مقومات الاقتصاد والصناعة والسياحة والرخاء والازدهار.

لكنها تترك كل هذا وتصرف كل ما يدخل «جيبها» على صناعة السلاح وتسليح جماعات خارج حدودها، وتعمل جاهدة بكل ما أوتيت من قوة لأن تكون حياة الإنسان أكثر بؤسا وشقاء، سواء الإنسان الإيراني الذي يعيش فيها أو غير الإيراني الذي كان قدره أن يكون جارا لإيران.

منذ أن وجدت نفسي كائنا حيا ضمن زمرة الأحياء وإيران تخرج من فتنة لتدخل أخرى، تحارب بنفسها أو عن طريق وكلائها وكل ذلك من أجل لا شيء. فلا أحد يهدد وجودها ويضمر لها الشر. لكنها تفعل ذلك إيمانا واعتقادا بأن هذا ما يجب أن يحدث، وأن تسريع وتيرة الإفساد والخراب والدمار واجب ديني لتهيئة البيئة المناسبة لظهور المهدي، وهذا الاعتقاد مع شديد احترامي لكافة الأديان والمذاهب والنحل والملل أغبى شيء اعتقده الإنسان منذ وجوده على هذا الكوكب البائس. فلا يمكن ولا يستقيم أن يكون القتل والإفساد والتخريب من الأعمال التي يتقرب بها إلى الله. والمهدي إذا لم يكن سيحضر إلا بعد أن نخرب بيوتنا بأيدينا فمن الأفضل لنا وله ألا يأتي.

وعلى أي حال..

لا زلت مقتنعا بأن حل هذه المعضلة لا بد أن يكون من داخل إيران نفسها، فالإيرانيون بشر يريدون الحياة أيضا، ويريدون أن يستفيد وطنهم من مقومات الحياة التي يملكها، وأن تتغير نظرة جيرانهم وبقية العالم عنهم كمصدر للموت والخراب والدمار، لا أحد يريد أن يكون هذا ما يعتقده الآخرون عنه إلا إن كان يعاني من علة في عقله، ومن الصعب تخيل أن شعبا بأكمله مصاب بلوثة عقلية.

agrni@