لماذا يقطع ذيل المسلسل؟!

قد يكون بعضكم ـ أو ربما كلكم ـ قرأ القصة الطريفة عن المرأة التي تقطع ذيل السمكة قبل قليها، وحين سألها زوجها عن الحكمة من هذا التصرف قالت إنها تعلمت فعل ذلك من أمها، والأم قالت إنها تعلمت هذه الطريقة في الطبخ من الجدة، وحين سألوا الجدة عن الحكمة أخبرتهم أن الوعاء الذي كانت تقلي فيه كان صغيرا فكانت تضطر إلى تقليل حجم السمكة بقطع ذيلها.

قد تكون القصة غير حقيقية ولم تحدث فعلا وأن كل ما في الأمر أن شخصا أراد أن يكون حكيما فاخترع هذه القصة لتنبيه الداجين الغافلين للبحث عن الأسباب الحقيقية للأفعال والتصرفات والمعتقدات، وقد أحسن صنعا.

القنوات التلفزيونية تعاني مما يمكن تسميته متلازمة «ذيل السمكة»، وأبرز أمثلة قطع ذيل السمكة غير المبرر عقلا ولا نقلا، فكرة أن البرامج التلفزيونية بعد مغرب رمضان لا بد أن تكون كوميدية ساخرة. لا أعرف من اخترع هذه الفكرة، ولا من عزز لاستمرارها، ولا أجد الخوف من التغيير مبررا، لماذا لا تجرب القنوات التلفزيونية ولو على سبيل التغيير إنتاج برامج جادة ومفيدة بعد مغرب رمضان؟ لماذا يتصورون أن الناس كانوا صياما عن الضحك وأنهم بحاجة إلى الإفطار على بعض النكات؟

والمشكلة ليست في التوقيت فقط، فإذا كان توقيت البرامج هو قطع ذيل السمكة، فإن البرامج نفسها هي الطبخة الرديئة الفاسدة التي قد تؤدي إلى التسمم والتلبك المعوي والغثيان.

ولا أعلم من أوهم بعض الممثلين والمخرجين أن تقليد لهجات الآخرين يكفي ليكون العمل كوميديا ساخرا، يكفي فقط أن تتخيل هذه الأعمال مترجمة إلى لغات أخرى، لتكتشف أنها فارغة من كل شيء، لا يوجد فكرة ولا نص ولا موقف ولا أي مبرر للضحك، ستضحك فقط إذا كنت ممن يعتقدون أن لهجات الآخرين وألوانهم وملابسهم أشياء مثيرة للسخرية تجعلك تستلقي على قفاك لكثرة الضحك بعد الإفطار وأنت تشاهد الظرفاء الرمضانيين يقلدونهم ويستهزئون بالطريقة التي يعيشون ويتكلمون بها.

وعلى أي حال..

أظن ـ ظنا قد يكون آثما ـ بأن فكرة وجود البرامج الرمضانية «الكوميدية» بعد الإفطار تقوم على أساس أن الناس في نهار رمضان يبتعدون عن السباب والشتائم ما استطاعوا حرصا على صيامهم، وأن فترة ما بعد الإفطار ملائمة تماما لعرض محتوى يجعل المشاهد يوجه جميع الشتائم التي امتنع عن قولها أثناء النهار للمخرج والممثلين وطاقم العمل والقناة وبقية المشاهدين، وهذه فكرة حسنة إن نحن نظرنا لها من هذا الجانب.

agrni@