أفنان محمد حياة حياة

القانون وحده لا يكفي

السبت - 18 مايو 2019

Sat - 18 May 2019

قبل أن تُسن قوانين التحرش كنا نطالب وبشدة بتلك القوانين التي تُجرم التحرش كفعل ووضع العقوبات الرادعة. وأساس المطالبات أتى من فكرة أن العقوبة وحدها كفيلة بالحد من هذا الفعل الشنيع، والعقوبات والقوانين حل، ولكن ليس الحل الكامل! وأنا أقول ليس الحل الكامل لأن ثقافة تقديم الشكوى ورفع القضية على الجاني لم تكتمل بعد، لعدة أسباب، وأن الغالب في التحرش لدينا هو التحرش بفتاة أو بطفل، ماذا يعني هذا؟! يعني أن الفتاة لن تقوم بالإبلاغ لأن هذا في اعتقادها سيجلب العار لها ولأهلها، أما بالنسبة للطفل فهو يخاف من عقوبة الأهل له. إذن السبب الرئيسي في بقاء هذه الفئة هو الخوف، خوف المجني عليهم من تقديم بلاغ، لذلك ما زال المتحرشون يمارسون أفعالهم مستغلين هذا الخوف والضعف.

أما أسباب خوف المجني عليهم فهي نابعة من أصل ثقافة المجتمع الذي يراهم مخطئين ومذنبين، عوضا عن إعطائهم القوة والأمان للدفاع عن أنفسهم من خلال اتباع الخطوات القانونية اللازمة وألا يضعهم محل الذنب. في مقطع متحرش تبوك لم تبادر الفتاة بالصراخ أو الاستنجاد بمن هم بالمحل أو الاتصال بالشرطة في لحظتها لكنها تخلصت من الموقف بالهرب إلى الخارج سريعا، ماذا لو لم تضبط كاميرات المراقبة واقعة التحرش؟! كانت الفتاة قد أضاعت حقها وأعطت الفرصة لذلك المتحرش بأن يتمادى وأن يعيد فعلته مرة أخرى لأنه وبكل أسف يستغل ثقافة المجتمع وخوف المتحرش بهم للسبب الأول.

ولا بد أن يبدأ أمر التوعية وإعطاء الأمان من داخل الأسرة، من الأم والأب أو من هم محل مسؤولية في الأسرة للنقاش في مثل هذا الموضوع، وإيضاح أن هذا الأمر قد يحدث وأن الخطوة السليمة حينها الإبلاغ عن هؤلاء المجرمين دون تردد أو خوف، ودون أن يطالهم أي نوع من العقاب داخل المنزل في حال تعرضهم لهذا الفعل المشين، وأن عليهم ألا يكترثوا بما سيقوله الناس لأنهم ضحايا أشخاص مرضى ومقززين بحاجة لأن تتم معاقبتهم لكف أذاهم عن المجتمع، وأن سكوتهم عنهم يعد جريمة، لأن ما تعرضوا له اليوم بالإمكان أن يتعرض له شخص آخر.

الأمر الثاني لا بد أن تكون الطرق والإجراءات واضحة لديهم بالخطوات الصحيحة، بحيث يجري التعامل مع الموقف دون أن يتعرضوا لأذى أكبر، وهذا بحاجة لحملات تتبناها المراكز الاجتماعية، لأن بعض المجني عليهم ربما لا يدركون الطريقة السليمة للإبلاغ أو التصرف في هذا الموقف، خاصة إن لم تكن لديهم خلفية ومعلومات كافية عن طريقة التصرف في مثل هذه المواقف.

في الأخير مسؤولية حماية المجتمع لا بد أن تكون نابعة من ذات المجتمع، فالمجتمع الذي يرى أن المجني عليهم مذنبون بنفس قدر المذنب، ويعاملون بعقوبات وإن لم تكن قانونية ولكنها عقوبات نفسية وربما جسدية من داخل الأسرة أو المجتمع المحيط، فإن المشكلة ستبقى عالقة كما هي مهما وضعنا قوانين رادعة، لأن خوفهم من المجتمع سيشجع المتحرشين على التمادي.

afnan_hayat@