عبدالحليم البراك

مستقبل التحرش والمتحرشين!

الاثنين - 13 مايو 2019

Mon - 13 May 2019

لم يمنع الشهر الكريم ضعاف النفوس من التحرش بالسيدات في ثلاث حالات، كلها وقعت في رمضان، والقصة الحقيقية ليست في الواقعة، بل في كاميرات المراقبة التي كشفت المستور، فكأني أقول: إن هذه الحالات موجودة داخل كرتون مغلف في مجتمع الفضيلة حتى جاءت كاميرات المراقبة التي أمرت بها الجهات المختصة أن تشمل كل متجر ومحل وبقالة، لتكشف أحداثا كانت خافية وظهرت للسطح فجأة، هذا من جهة، ومن جهة أخرى تلك الكاميرا القابعة في جيب كل رجل، وفي كل شنطة يد من شنط السيدات، فصارت تكشف هي الأخرى واقعات التحرش بلا هوادة.

وليس موضوعي التحرش إطلاقا، فهو مدان بالفطرة، لكني سأتحدث عن المتحرشين في المستقبل، فمن المتوقع أن يطور المتحرشون أدواتهم ووسائلهم تبعا لتطور التقنية من جهة، ومن جهة أخرى بسبب الخبرة التراكمية المعرفية من أصدقاء المهنة (المتحرشين الأوائل) الذين تم القبض عليهم، ونقلوا لهم المعرفة على طبق من قذارة، فأبرز مبررات المستقبل المظلم للمتحرش ما يلي:

أولا: ابحثوا عن الأماكن التي لا توجد بها كاميرا، وتنادوا أيها المتحرشون بالتعرف على الأماكن التي تنعدم في الكاميرا ومارسوا هوايات الشيطان فيها. قد تظنون أنكم في أمان من غضب الناس، أما غضب الله فلستم في مأمن منه، ولستم في مأمن من ضمائركم النائمة متى ما صحت لعلها توقظ النائم منكم.

ولحل هذه المشكلة، يجب علينا أن نعمل على جبهتين، أولا إلزام المتاجر بنشر الكاميرات في كل مكان، خاصة التجمعات المحتملة للسيدات، وثانيا رفع مستوى الوعي بالتبليغ، خاصة لدى غير السعوديين، فمعظم المتحرشين لا يخافون من غير السعوديين؛ لأنهم الحلقة الأضعف، فهم يمارسون في حضورهم ما يشاؤون، ولو تمت حمايتهم لبلغوا عن التجاوزات.

أما الأمر الثاني فهو إتاحة الكاميرات الخاصة للتحقق من الحالات، فأحيانا يمنع التحقق منها إلا بخطاب رسمي، هذه البيروقراطية تساعد على نشر الخطأ الفاحش في هذا الأمر.

ثانيا: إن رأيتم الكاميرات أيها المتحرشون المتحرفشون على النساء وأعراض الناس، فعليكم باختيار ما يسمى بالزاوية المظلمة من الرؤية، وهي التي لا تغطيها الكاميرات. وهذه ليست هي الزاوية المظلمة الوحيدة في حياتكم، بل ثمة زاوية أخرى لكنها تقبع في قلوبكم حتى تبصروا!

ولحل هذه المشكلة ينبغي أن تعتمد جهة ما توجيه واعتماد مكان الكاميرات وليس اجتهادات شخصية، بحيث تركز على أماكن تحصيل المال، بل كل النقاط المحتملة للتحرش!

ثالثا: بعد أن يكتسب الخبرة هؤلاء المتحرشون سوف يطورون أدواتهم في التضليل، فلا يمارسونها إلا في أماكن لا ينتمون لها فيصعب التعرف عليهم، وهذا يمكن مقاومته بمزيد من الكاميرات الخارجية التي تدل على سياراتهم أو أي شيء آخر يدل عليهم، أو تغيير أشكالهم، أو تتحول حركات التحرش العشوائية إلى حركات تحرش منظمة!

رابعا: بعضهم قد يحيط علما بالعقوبة، ولأن العقوبة فخر المجرمين ربما لا تردعهم، فقد يكون الحل بمراجعة العقوبات للتقليل منها حتى يرتفع مستوى الوعي فتندثر هذه الجريمة.

ليس بمستساغ إطلاقا أن تحدث ثلاث حالات في أول عشرة أيام من رمضان، إلا أن الكرتون الفاضل الجميل الذي كنا نعتقده قد فتح وخرجت منه رائحة الرذيلة، ومن فتحه هي كاميرا صغيرة لطيفة تسجل كل ما يحدث!

@Halemalbaarrak