عبدالغني القش

قناة الحرمين.. الإفطار رسالة للعالمين!

الجمعة - 10 مايو 2019

Fri - 10 May 2019

يشكر المؤمن ربه أن بلغه شهر الصيام والقيام، وهي محطة للسباق للخيرات، وتنوع الطاعات، وبذل القربات، في شتى السبل وبكافة الأشكال.

وتفطير الصائم من أبرز ما يكون في شهرنا هذا، لما له من الأجر والمثوبة عند الله، فمن المعلوم أن من فطر صائما فله مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئا.

وكم يسعد المرء برؤية هذا التسابق، إذ يبرز صورة من الصور الإيمانية، ويتضمن معاني سامية كالتعاون والتكاتف والتعاضد، وأن هذه الأمة في تجسيدها لهذه المعاني كمثل الجسد الواحد.

وهنا أطالب بإيجاد قناة تسمى «قناة الحرمين» لتسليط الضوء على كل ما يتعلق بالحرمين كطول هذه السُفر، فهي في مكة المكرمة تتجاوز 200 كلم، وفي المدينة يزيد طولها على 150 كلم، وهي بهذا تدخل الموسوعة العالمية للأرقام القياسية (جينيس).

وبإمكاننا الدخول للموسوعة من جهة عدد الوجبات التي يتم تقديمها، وهي بالملايين بطبيعة الحال، ولو تم استقصاء ما تقدمه الجمعيات والجهات واللجان لرأينا عجبا، ويكفي أن لجنة السقاية والرفادة في مكة أعلنت أنها تستهدف تقديم عشرة ملايين وجبة هذا العام، ولنا أن نتخيل جهة واحدة تهدف لتقديم هذه الملايين من الوجبات، فكيف لو استطلعنا الجهات الأخرى وتجاوزنا ذلك إلى لأفراد؟

وكذلك قصص مؤسسي السفر في الحرمين، والتي مضى على بعضها عقود طويلة من الزمن، وكيف تكاتف الأصدقاء والجيران وغيرهم لعمل سفر في رمضان امتد عمرها لعقود حتى يومنا هذا، وكأنهم يرسمون لوحة فنية زاهية البهاء جميلة التفاصيل للجيل الحالي ويضمنونها رسالة مفادها هكذا يكون الإخاء ويتبلور النقاء في حلة من البهاء.

إن التمازج الثقافي الذي تبرز بعض صوره فيما يقدمه الإخوة الوافدون من خلال ما يقدمونه يعد هو الآخر ظاهرة اجتماعية يفترض ألا تمر على علماء الاجتماع وبعض التخصصات عند علماء النفس، فهي رائعة في تفاصيلها ومضامينها.

الآلاف من المواطنين والمقيمين والمعتمرين والزوار يتناولون طعام الإفطار في رمضان داخل الحرمين وفي الساحات المحيطة بهما في أجواء من الروحانية والطمأنينة، ووسط منظومة من الخدمات الراقية والحديثة وتوفير مياه زمزم.

وبمناسبة الحديث عن السفر الرمضانية في ساحات المسجد الحرام والمسجد النبوي فإن هناك جانبا آخر هو وجود العالم كله في هذا المكان، ذلك أن الإخوة المقيمين يتنافسون في تقديم الأكلات الخاصة ببلدانهم ويقدمونها بكل أريحية، ويتم تقديمها بأطباقها وألوانها وزينتها ونكهتها وكأنك تعيش في تلك البلاد تماما، وهذه لوحة أخرى تستحق الإبراز وإظهارها للعالم، وكان لسان الحال هذه سماحة ديننا لا فرق بيننا، فالمؤمنون إخوة، ألا يستحق ذلك إبرازه للعالم من خلال قناة الحرمين!

إن من المؤلم أن تظهر أصوات نشاز وكتابات تطالب بإلغاء مشاريع وبرامج تفطير الصائمين، وتوزيع ما يصرف عليها في أوجه أخرى، وجلب بعض الإحصاءات لتصل إلى أن هذه المبالغ كان يفترض أن تصرف في وجوه بر أخرى!

وهذا تفكير عجيب؛ أن يطالب كاتب بإيقاف العمل في وجه من وجوه الخير بحجة أن غيره أولى، فهو لا يتفق مع العقل ويرفضه المنطق، فأبواب الخير يفترض أن تكون مشرعة أمام الجميع ليختار منها المرء ما شاء.

وأتفق تماما مع المناداة بضرورة تقنين إفطار الصائم من خلال ما يوضع له، فلا يوضع ما يزيد على حاجته حتى لا ندخل في باب الإسراف المحرم، وأطالب بمحاسبة الجمعية أو الجهة التي تسرف أو عديمة الاهتمام، وبضوابط صارمة على المطاعم والجهات التي تعلن عن وجبة إفطار صائم، كما أطالب هنا بشركات متخصصة تتولى هذا الأمر، تقوم بتقديم وجبة مقننة تكفي الصائم بلا زيادة، ليكون من شأن ذلك القضاء على كل مظاهر الإسراف المؤلمة، فهل نرى ذلك واقعا؟

[email protected]