محمد أحمد بابا

طفاية الحريق مزهرية الغريق

السبت - 27 أبريل 2019

Sat - 27 Apr 2019

عدد ليس بالقليل من الموظفين في أماكن أعمالهم والمدرسات في مدارسهن والطلاب في مؤسساتهم التعليمية بل وأفراد الأسر في المنازل لا يعرفون إطلاقا التعامل مع طفاية الحريق ولا استخدامها، وتلك طامة كبرى في اللحظة الذهبية التي يندر استغلالها عند حدوث الخطر ولو كانت نسبة التوقع جزئيات من عشرة في المئة.

أتذكر يوم افتتاح مدرسة ثانوية كنت مديرها وفي جولة سألني مدير عام مسؤول كان يصحبنا في ممر مزود بطفايات حريق معلقة هل أعرف استخدامها؟ فقلت لا أحسن ذلك، فغضب ووجه مدير عام الأمن والسلامة بضرورة عقد برامج لتدريب المعلمين والطلاب على ذلك، وكانت فاتحة خير لي أن أتنبه لهذا الجزء الهام من احتياطات السلامة المدنية في أماكن العمل.

فريق ساند المدينة المنورة الشبابي التطوعي بقيادة الشاب الأستاذ عبدالرحمن الشنقيطي وزميلاته وزملائه أخذ على عاتقه السلامة العامة، وبدأ منذ قرابة السنة في مساندة المجتمع المحلي بالمدينة المنورة متعاونا مع وزارة الصحة والدفاع المدني والهلال الأحمر لتقديم خدماته التطوعية الإنسانية في الظروف المناخية ومواسم الحج والعمرة بشكل مهني احترافي.

وأنا هنا من هذا المنبر المتواضع أحييهم وأدعمهم وأشد على أيديهم وأفرح بنشاطاتهم، خاصة وقد سلكوا طريق مسؤولية إدارية عالية وحصلوا على دعم كبير من هيئة تطوير المدينة المنورة ومن سعادة الدكتور هاشم حمزة نور المشرف العام على مكتب العمل التطوعي بالمدينة، ووزارة العمل والداخلية، فأضحى الفريق علامة جودة في عالم السلامة.

لذلك في نقاش مع قائد الفريق اقترحت عليه مبادرة مساندة منهم ليكون هناك فريق شبكي تطوعي مدرب يقدم خدمات التدريب على استخدام وسائل السلامة في البيوت، خاصة طفايات الحريق.

وأظن أن مجرد وجود طفاية للحريق واحدة أو اثنتين في المنزل لا يكفي إن كان القوم لا يحسنون التعامل معها، بل ولا يعرفون مدة صلاحيتها ونحو ذلك، ففي كثير من حوادث الحريق في المساكن تفاقمت الأوضاع نتيجة غياب هذه المهارات الضرورية للإنسان.

صحيح أن كود البناء السعودي الجديد انسجم مع متطلبات السلامة وأضحى يشترط كثيرا من الإجراءات تتوافق مع الاحتياطات المطلوبة، لكن ماذا عن الأحياء القديمة، والمنازل القائمة مع غياب هذه الثقافة الهامة في عصر الطاقة وكثرة مسببات الخطر؟

نحتاج بالفعل لألف فريق تطوعي مثل ساند المدينة المنورة على مستوى وطننا الغالي ينهض بغاية ورسالة عظيمة تضمن للإنسان سلامة وحدا أدنى من الخطر بعد توفيق الله عز وجل وحفظه وعنايته.

نراقب كثيرا من الدورات التدريبية في الإسعافات الأولية، وتنفيذ كثير من افتراضيات الإخلاء، لكن الميدان العام يفتقر لتدريب واضح عملي على طفاية حريق هي أشهر وأعظم وأقل احتياطات الخطر في الحرائق وجودا وشراء.

ما نرغبه ألا تكون طفاية الحريق مزهرية مدخل البيت لا تسمن ولا تحمي من نار.

فالسلامة وبذل الجهود الإنسانية الكبيرة في تحقيقها لكي تكون مكفولة وشعار تفعيل في كل مكان وكل وقت ولو مع قلة احتمالات الخطر أمر في غاية الأهمية للشباب والكبار والرجال والنساء على حد سواء، ويجب وجوب دين ووطنية على كل القطاعات التعاون الحقيقي في الامتثال لبرامجها وخططها وأهدافها واشتراطاتها.

ما يحزن أن نجد كثيرا من أبواب الطوارئ مغلقة بسلاسل في إدارات حكومية، أو نشاهد كثيرا من دوائر الإنذار الكهربائية متعطلة في المدارس، أو نقف على كثير من طفايات الحريق منتهية الصلاحية مغبرة الشكل مهزومة الرمي، أو نلاحظ المياه الواصلة لخراطيم الإطفاء في مباني الحجاج والمعتمرين أو الفنادق شحت ويبست حتى لا قطرة ماء ولا نقطة دفع.

يبذل المتابعون جهدا لا ينكر، ينقصه أن يفهم المستفيد خطرا، ويحرص المستخدم اتباعا، ويتدرب الجميع رغبة واقتناعا، ويتطوع الغالب تعاونا وتكاتفا.

albabamohamad@