عبدالله محمد الشهراني

جعفري وعثمان إلى أعلى الجنان

الأربعاء - 24 أبريل 2019

Wed - 24 Apr 2019

تفادي سماع الخبر

استيقظ العالم يوم الأحد الماضي على سلسلة تفجيرات إرهابية في مدينة كولومبو عاصمة سريلانكا، طالت دور عبادة وفنادق مهمة في العاصمة، نتج عنها 359 قتيلا وأكثر من 500 جريح. في تلك الأثناء ومنذ الساعات الأولى من صباح الأحد كنا نترقب الأخبار، ونحاول الاطمئنان على زملاء لنا أو أقارب موجودين في سريلانكا. كنا نمني أنفسنا ونتفاءل بقدر المستطاع .. لعل خبرا سارا يتهادى إلينا، مبشرا بنجاة كل زملائنا وأقاربنا.

أتى صباح الثلاثاء ليكسو قطاع الطيران في المملكة رداء الحزن والأسى، بعد صدور البيانات الرسمية من السفارة السعودية في سريلانكا والخطوط السعودية، معلنة ما كنا نهرب منه ونتفادى سماعه، لكنه قدر الله الذي لا نعترض عليه، وفاة الزميلين أحمد جعفري وهاني عثمان. كم كان الخبر مفجعا وثقيلا، لكننا لا نقول إلا ما يرضي ربنا، إنا لله وإنا إليه راجعون. خالص العزاء وصادق المواساة لأسرتي آل جعفري وآل عثمان ولكل قطاع الطيران على وجه العموم. ونحمد الله كذلك على نجاة بقية الزملاء والزميلات، وأخص بالذكر الزميلة هاجر التي تعرضت هي الأخرى في الحادث لإصابات طفيفة.

جزء من النص مفقود

الحادث جعلني أعود لأعترف بأني قد تجاوزت نقطة مهمة، بل في غاية الأهمية في مقال سابق عن الملاح الجوي (مضيفا كان أو طيارا). النقطة - والتي لا تخص منطقة أو شركة طيران بعينها - هي أنهم ـ وأعني الملاحين ـ معرضون للخطر طوال الوقت، فإن حدث أمر ما في مدينة ما «زلزال، اضطراب سياسي، حرب أهلية، تسونامي، تفجيرات إرهابية، فيضانات وأعاصير... إلخ»، فلا بد أن تجد ملاحين أجانب نزلاء في أحد فنادق تلك المدينة. ومن ناحية أخرى فهم أيضا عرضة لتلقي الضربة الأولى في أي حادث طيران، كما هو الحال مؤخرا في حادثي إندونيسيا وإثيوبيا. الملاح في ثنايا مسيرته الوظيفية لا تجده إلا وقد مر بمواقف لا يحسد عليها في بعض البلدان التي سافر إليها، من ابتزاز وتهديد بالسلاح، إلى محاولة اختطاف أو إلى سرقة في أقل تقدير. هذا وحتى الضغط الذي ننزعج أو نتأذى منه في الطائرة يتعرض له الملاح بشكل يومي. كل هذا وغيره، وتجد من يقول «يا حظهم يسافروا كل يوم!!».

لمسة وفاء وإنسانية

أريد أن أتوقف هاهنا لأثمن ذلك الحس الجميل والمشاعر الصادقة «غير المستغربة» من شركات الطيران الوطنية التي بادرت بالعزاء والمواساة. وشكر خاص إلى أولئك الرجال والسيدات زملاء جعفري وعثمان، الذين ذهبوا مساء الثلاثاء إلى المطار لاستقبال أهالي المتوفين لتعزيتهم ومواساتهم، جموع غفيرة ومنظر مهيب يثلج الصدور ويربط على القلوب ويكفكف الدموع، ويظهر رسالة مهمة ومؤثرة، مفادها أن العزاء واحد والفقد واحد.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر.

ALSHAHRANI_1400@