شاكر أبوطالب

إلا «الصّحّة».. أعيت من يديرها!

الاحد - 21 أبريل 2019

Sun - 21 Apr 2019

«..في كل مجال انتهت المشاكل، إلا في مجال الصحة، المشاكل تزداد يوما بعد يوم، هذا جهاز ميؤوس منه!..»، لا يزال هذا التعليق راسخا في ذهني، وهو جزء من حوار للتاريخ دار بين الملك فهد والوزير غازي القصيبي، يرحمهما الله، منشور في الكتاب الشهير «حياة في الإدارة».

لا يكاد يمر أسبوع دون سماع قصة مأساوية لمعاناة أحد الأهل أو الأقارب أو الأصدقاء مع خدمات وزارة الصحة ومستشفياتها. ولا يزال الحصول على سرير أبيض بكل يسر من المستحيلات أو الأساطير، فلا بد من المرور بتجربة البحث عن واسطة لتسهيل الحق الأصيل، وهو التمتع بخدمة طبية أو علاجية تشبع حاجة المريض النفسية والجسدية، وتساعد في تشافي المريض وتعافيه من المرض العارض، أو تخفف عنه أعراض المرض المزمن وآلامه.

في الوقت الراهن، لا تخرج الصورة الذهنية لوزارة الصحة في الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي عن إطلاق مبادرات أو مشاريع مصممة خصيصا للاستهلاك الإعلامي وموجهة للرأي العام، دون أن يكون لها دور في تحسين مستوى الخدمات الصحية التي تقدمها الوزارة، أو أن يكون لها أثر إيجابي يلمسه ويشعر به المريض أو ذووه.

وتبلغ المأساة حدها ومداها مع المرضى الذين يعانون من الأمراض المزمنة أو المستعصية، مثل أمراض الفشل العضوي أو أمراض السرطان أو الأورام وغيرها، والتي يجب على الوزارة أن تبدي اهتماما خاصا بكل مريض يعاني من أحدها، وتخصص وسيلة تواصل خاصة وسريعة تساهم في تجنيب المريض معاناة البحث عن الخدمة الطبية، لتزيد مشاعر الأمل لديه، وتبعث لديه روح التفاؤل بمستقبل صحي أفضل.

ومن المؤشرات المبقية على قليل من الأمل بتحسن مستوى ونوعية وجودة الخدمات الصحية، وجود بعض المشاريع والبرامج الطبية المميزة في المملكة التي لها الريادة في منطقة الشرق الأوسط والعالم، أبرزها: مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث، ومدينة الملك عبدالعزيز الطبية بالحرس الوطني، ومدينة الأمير سلطان الطبية العسكرية، ومستشفى قوى الأمن. هذه المرافق الصحية والطبية المتخصصة تشترك في أمرين: ارتفاع جودة ومستوى الخدمات الطبية والعلاجية، وزيادة الطلب على خدماتها، مما يصعب من إجراءات تحويل المرضى إليها والحصول على مواعيد قريبة.

والمفارقة اللافتة للنظر أن هذه المشاريع والبرامج الطبية لا تديرها وزارة الصحة بشكل مباشر أو غير مباشر، وتتمتع باستقلال تام على مستويات الإدارة والتخطيط والمالية والموارد البشرية. وهنا أقترح على وزير الصحة أن يكتب سؤالا وبخط عريض يضعه في لوحة ويعلقها في مرمى نظره وهو يجلس في مكتبه بالوزارة، لماذا تتميز الخدمات الطبية للمرافق الصحية التي لا تتبع إداريا لوزارة الصحة؟!

وبالعودة إلى الوزير غازي القصيبي الذي خلص إلى أن مشكلة عدم تطور خدمات المرافق الطبية في وزارة الصحة تعود إلى أمرين مهمين، الأول غياب الانضباط نتيجة تفشي الواسطة والدعم والمحسوبية، سواء للحصول على خدمة طبية أو وظيفة داخل المرفق الصحي.

والأمر الثاني هو استمرار الأصنام الإدارية في عملها داخل الوزارة دون إحراز تقدم أو تطوير.

ولعلي أضيف أمرا آخر، وهو انشغال الوزارة بأمور تحد من قدرتها في الإشراف على تطوير الخدمات الطبية، ومنها توفير الأدوية والعقاقير الطبية، وتشييد وإدارة وتشغيل المرافق الطبية!