عبدالغني القش

صراصير وجراد «يهاجمون».. ومسؤولون يستعرضون!

الجمعة - 19 أبريل 2019

Fri - 19 Apr 2019

يتفهم الجميع أن أقدار الله تمضي مهما فعل الإنسان، ويدركون أنه مهما فعل المرء فإنه لا قدرة له على منع حدوث القدر إن كان خيرا أو غير ذلك، لأن الإنسان لا يعلم مراد الله، فربما رأى الشر وهو خير له والعكس صحيح.

وقد انتشر مؤخرا ما يسمى بصرصار الليل وهو من الحشرات المزعجة التي تصدر أصواتا مزعجة دون توقف، وهو ما يمكن أن يقطع على المرء نومه ويؤثر على تركيزه، وغزو حشرات صرصار الليل بأعداد كبيرة له مخاطر عديدة، حيث يمكن أن تنتج كمية هائلة من البراز مما يسبب مشاكل في الصرف الصحي.

وهناك سبب آخر للقلق هو أن هذه الصراصير قد تجذب دون قصد أنواعا من الحيوانات إلى المنازل لأنها مصدر جيد للبروتين.

وبالسؤال عن السبب الذي أدى للانتشار فقد تعددت الإجابات وتنوعت، بين متخصص في علم البيئة وفلكي ومسؤول، وقد تعددت المشارب واختلفت وجهات النظر، ومعها تشتت المتابع وخالجه شعور بأن المآرب أيضا ربما كانت مختلفة.

وتزامن ذلك مع قدوم أسراب من الجراد، وذكر بعض أصحاب المزارع، خاصة تلك الواقعة في أطراف المدن والمواقع البعيدة عنها، أنها تهاجم مزروعاتهم بشراسة شديدة، وتتسبب في أضرار بالغة لمحاصيلهم.

والمتأمل يجد أنه كان من المفترض أن يلبس كل مسؤول خوذته ويعتبر ما يجري حالة طارئة يفترض أن يتحسب لها ويقاومها إلى حين القضاء عليها، وحينها يتحلل من لبس تلك الخوذة ويتفرغ لأعماله الروتينية.

لكن الواقع أن بعض المسؤولين لا زال يغرد خارج السرب، فتراه مهتما بالظهور الإعلامي والفلاشات فيقيم حفلات التكريم ويرعى المناسبات التي أقل ما يمكن أن توصف به أنها عادية، وكأن الأمر لا يعنيه لا من قريب ولا من بعيد!

كان الجميع يتوقع أن يرى الطائرات وهي ترش تلك الحشرات بشكل مكثف آناء الليل (حيث تعلو أصوات الصراصير المزعجة)، وأطراف النهار (حيث تتكاثر وتتوالد في جحورها وأماكن مكوثها).

إن موضوع مكافحة هذه الحشرات المتمثلة في صراصير الليل والجراد لا يقبل التهاون، لأننا إن تهاونا ستكون النتيجة كارثية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، فالتكاثر سيكون المصير الحتمي، والتزايد سيكون من شأنه اتساع الخرق على الراقع، إذ تصبح السيطرة حينئذ عليها ضربا من المحال.

ولا أملك من المعلومات ما يجعلني أوجه مثل هذه التهمة الخطيرة، ولكنني أتحفظ كثيرا على الإجراءات المتخذة، فقد كنت أتمنى أن تكون المكافحة أضعاف ما يجري في الساحة، فالموضوع - كما أسلفت - لا يقبل التراخي أبدا، والمواطن يريد أن يرى بأم عينه الفرق وهي تجوب الأحياء والشوارع بشكل مكثف، وتكافح بكل قوة هذه الآفة التي يشاهدها، وقد أصابه الضرر جراء ما يجد من معاناة، سواء في الأصوات من صرصار الليل، أو في المزروعات لأصحاب المزارع إزاء ما يشاهدونه من هجوم لأسراب الجراد.

وكان من المؤمل تكثيف الحملات الإعلامية والإعلانية عن هذا الموضوع، سواء من الناحية العلمية أو الفلكية (التي تنص على أن الأمر سيزول بمجرد اشتداد درجات الحرارة)، وفي هذا - على الأقل - طمأنة للناس تبدد قلقهم فيما يتعلق بالصراصير، وتهدئة للمزارعين من روعهم فيما يخص الجراد، لكن إعلان الجهات غائب ويبحث عن الأضواء والظهور الهلامي، والإعلام لديهم يغط في سبات عميق.

وفي الوقت نفسه كنت أرجو أن يتوقف كل مسؤول معني بهذا الأمر عن الظهور الإعلامي الذي لا علاقة له بهذا الأمر الطارئ بشكل كامل حتى تنتهي حالة الطوارئ هذه.

والأهم أن تتكاتف الجهود وتتوجه بشكل تكاملي للقضاء على مثل هذه الظواهر وبصورة مقنعة، فهل نرى ذلك واقعا؟!

[email protected]