عبدالله زايد

جريمة الحرية وحاجة الإنسان

الأربعاء - 17 أبريل 2019

Wed - 17 Apr 2019

من القضايا الهامة التي كانت هاجس وحديث كثير من المجتمعات ومحور نقاش دائم بين المختصين والدارسين وما زالت لها أصداء واسعة، إنها قضية الحرية، وأين تبدأ؟ وأين تتوقف؟ وتحت هذا البند تندرج جملة من القضايا التي تتعلق بالتغريد خارج سياق المجتمع وقيمه ومبادئه. فضلا عن هذا هناك مواضيع متفرعة متشابكة معها ولا تقل أهمية مثل التعليم والتربية والتراث والمستقبل والأولويات للمجتمع وغيرها كثير.

تبقى الحرية مفهوما واسعا وكبيرا، ولها بريق خلاب، لكن كثيرون يخطئون في تفسيرها أو في فهم محتواها، بعضهم يعتبر الحرية عدالة ومساواة لأنه يفتقد لهذه القيمة الإنسانية، البعض يقول بأنها أمن ورخاء، لأنه يحتاج للأمن وينشد الرخاء، وهناك من يرى الحرية تعليما قويا ومعرفة واسعة، لأنه يتعثر تعليميا ومنافذ المعرفة محدودة وشحيحة، وهناك من يؤكد أن الحرية مظلة اجتماعية وصحية قوية، لأنه يشاهد كبار السن والفقراء لا يجدون اهتماما ولا دعما والرعاية الصحية لا تقدم إلا لقلة قليلة في مجتمعه. وهكذا تصبح الحرية متعددة، كأنها عنوان رئيسي لجملة من الحاجات الشخصية على مستوى الفرد أو للحاجات الاجتماعية على مستوى الشعوب والناس.

ولو قدر وسألت هؤلاء عن تلك الحرية التي ينشدونها لن تجدها تخرج عن الجوانب الحياتية التي تمسهم، ولو قدر وتحقق لهم كل ما يحتاجونه لن تجد أصواتا تطالب بالحرية ولا من يرفع شعاراتها.

وهكذا تستخدم الحرية وشعاراتها منذ حقب زمنية طويلة حتى يومنا هذا، وفق المزاج العام للناس الذي ليس بالضرورة أن يلتقي أو يتقاطع مع مفهوم ومعنى الحرية الحقيقي.

إن فهمنا هذا الجانب نفهم كيف توظف شعارات الحرية لهدم مجتمعات وهدم الأسس التنموية لأوطان كثيرة، ويكفي أن نلقي نظرة عابرة على أوطان عربية عدة كانت مسرحا لشعارات الحرية وغدت خرابا بعد العمران، ودمارا بعد النهضة والنمو. ذهبت الشعارات وبقيت الخيبة والتعثر التنموي وعدم الأمن ماثلة.

ولا أجد كلمات توصف هذه الحالة مثل تلك الكلمات الشهيرة التي يتردد صداها اليوم في أرجاء عالمنا العربي، والتي قالتها ماري جان رولان ده لا بلاتيير، والتي تعرف باسم مدام رولان، قبل لحظات من قتلها عام 1793م عندما قالت «أيتها الحرية كم من الجرائم ترتكب باسمك».

@abdullahzayed