صلاح صالح معمار

كيف نطور فكر قراءة المستقبل!

الاحد - 07 أبريل 2019

Sun - 07 Apr 2019

خلال الأيام الماضية انتشر فيديو على نطاق واسع عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والذي يحتوي على مقابلة لأطفال عام 1966م، تم سؤالهم عن توقعاتهم للعالم في عام 2000م. وكانت معظم الإجابات قريبة من واقعنا إلى حد ما وربما كان هذا أحد أهم أسباب انتشار الفيديو. ولعل السبب الآخر لانتشار الفيديو هو إعجاب المشاهد بأن هؤلاء الأطفال لم يستخدموا أساليب الكهنة ودجالي قراءة الكف والفنجال وتفسير الأحلام، بل من خلال الاستجابة لسؤال يحفز على الاستقراء في جو علمي له معطيات، لذا السؤال كيف وصل الأطفال لتوقعات صحيحة وكيف لنا نحن كذلك الخروج بتصورات وقراءة مستقبلية علمية صحيحة؟ في البداية ربما قد لا ندرك أن أدمغتنا تحاول باستمرار التنبؤ بالمستقبل، ليس بمعنى ما سيحدث في غضون بضع سنوات من الآن، ولكن فقط لبضعة أجزاء بالألف من الثانية حسب دراسة قام بها عالم الأعصاب ريتشارد إيفري والذي وجد أيضا أن الشبكات العصبية تدعم التنبؤ لساعتين، وتعتمد الساعتين على تجارب الماضي، والإيقاع! لذا هناك بنية عصبية للتوقع ورغبة بشرية دائمة لقراءة المستقبل وهناك مجال لتطوير هذه البنية والرغبة من خلال 3 محاور رئيسة من وجهة نظري.

أولا: بناء فكر الاعتزاز بالمستقبل لا الماضي:

هناك أمة تعيش على الماضي وأطلال الماضي وتسخر ممن يدعو للتركيز على المستقبل، وتردد دوما مقولة من ليس له ماض لن يكون له حاضر! بينما الواقع يؤكد أن هناك أمما لم يكن لها أي ماض والآن تقود الأمم التي لها ماض! الأمة التي تعيش على أطلال التاريخ والماضي ستخلق مزيدا من المؤرخين والقصصيين ولن تهتم في تشجيع صناع المستقبل، وحتى القبول المجتمعي لقارئ التاريخ أكبر بكثير من قارئ المستقبل! لذا يجب أن نتفق أن الاعتزاز الحقيقي بالماضي هو من خلال مشاركتك الفعالة في بناء حاضرك ليصبح لك مستقبل، ونسيان الماضي تماما واعتباره محطة بها مكتسبات يجب أن يبنى عليها وخسائر يجب أن نتعلم منها.

ثانيا: بناء مهارات قراءة المستقبل:

الأنظمة التعليمية يجب ألا تركز على الحفظ والاسترجاع لما هو ماض، بل التنبؤ والاستقراء لما هو مستقبل! ويجب أن تتكاتف المدرسة والأسرة على صناعة جيل يملك مهارات لاستشراف المستقبل. يجب أن يكون هذا الجيل ملما بالمهارات التالية التي يمكن أن تجدها ببساطة من خلال محرك البحث قوقل، ومنها على سبيل المثال لا الحصر: الاستقراء، التنبؤ، السيناريوهات، التحليل، التوقع العكسي، دولاب المستقبل، السلاسل الزمنية، مؤشرات الأداء، ومعادلات التنبؤ.

ثالثا: بناء مجموعات المختصين: كشف الباحث فيليب تيتلوك من خلال مشروعه الذي يعرف باسم «مشروع الأحكام السليمة» الذي يموله قسم نشاط مشاريع البحوث الاستخباراتية المتقدمة بالحكومة الأمريكية أن هناك أناسا قلائل يمتازون بخصال ومواهب استثنائية لرؤية المستقبل، كما وجد أن أنجح التكهنات تلك التي تقدم من خلال مجموعة مركزة ومختصة. وهذه دعوة أن تقوم الدولة بتحفيز جميع الوزارات لعمل مجموعات مركزة بحثية لقراءة المستقبل وتشكيل فرق Think Tank، لرسم وصناعة السياسات المستقبلية والاهتمام بهذا المجال كأولوية أولى.

بناء فكر الاعتزاز بالمستقبل لا الماضي:

• أنت لم تشارك بالماضي لذا ليس من حقك الاعتزاز إلا بما ستقوم به بالحاضر

• الاعتزاز الحقيقي بالماضي من خلال إكمال البناء على المكتسبات والتعلم من الخسائر

بناء مهارات قراءة المستقبل بالمدرسة والأسرة:

• مناهج دراسية تركز على التنبؤ والاستقراء لا الحفظ والاسترجاع

• أسرة تهتم في بناء شجرة المستقبل وتورث المسؤولية لا المال

بناء فرق مختصة لصناعة المستقبل:

• تحفيز العمل الجماعي والبحثي لمجموعات المختصين ودعمهم

• ThinkTank في كل وزارة ومجال وبإشراف من الدولة

S_Meemar@