عبدالعزيز الساحلي

تطبق الشروط والأحكام!

الخميس - 04 أبريل 2019

Thu - 04 Apr 2019

تحول العالم بفضل تقدم الاتصالات والانترنت إلى مجتمع صغير يتواصل ويتفاعل بعضه مع بعض عبر قنوات الاتصال الحديثة التي أتاحت فرصة كبيرة للتواصل والتعلم والتسوق، خاصة لما حمله الانترنت من سهولة وسرعة وتقنية عالية الأداء. وأصبحت شركات الاتصالات في مقدمة الشركات التي تدر أرباحا كبيرة وتمثل دعائم اقتصادية فريدة من نوعها بين الاقتصادات الأخرى.

ومع هذا التواصل أصبحت الحاجة ملحة لتنظيم سوق الاتصالات وبناء استراتيجيات وسياسات تنظيمية لخلق بيئة جاذبة، ومنافسة عادلة لتحقق سوق متوازنة، ترفع من خلالها كفاءة الإنتاج وجودة الخدمة المقدمة للعملاء، وتمثل أيضا درعا أمنيا حصينا، فنحن مجتمع لنا عاداتنا وتقاليدنا التي يجب المحافظة عليها وحماية النشء من المخاطر التي قد تتولد من الانترنت، خاصة أنه عالم مفتوح وكبير وتوجد فيه مجالات غير مشروعة وهدامة للقيم الاجتماعية.

تطورت الاتصالات في المملكة في السنوات الأخيرة بشكل كبير ولافت لمواكبة التطور العالمي الذي حصل في هذا القطاع، إذ تعد تجربة خصخصة قطاع الاتصالات من أنجح التجارب في خصخصة القطاعات وإعادة هيكلتها لدينا، وتمكنت من أداء الخدمة وإيصالها بيسر وسهولة إلى كثير من المناطق، ومع هذا النجاح الكبير لا تزال هناك حاجة في هذا القطاع المهم والحيوي للتنظيم وسن تشريعات تخدم العملاء، حيث تبنت هيئة الاتصالات تقنين السوق ومنح الترخيص وإقرار العقوبات على المخالفين.

وذكرت هيئة الاتصالات أخيرا أنها تتلقى 100 ألف شكوى سنويا من العملاء، وهذا لا شك رقم كبير، ويدعو إلى مراجعة سياسات الخدمات المقدمة للعملاء، حيث إن الانقطاع المتكرر وضعف خدمة الانترنت يمثلان هاجسا كبيرا للجميع، فكيف للعميل أن يدفع فاتورة شهرية بـ500 ريال مثلا والانترنت شبه غائب عنه!

معضلة خدمة الانترنت لدينا تشبه من يمنحك قصرا كبيرا وفاخرا ولكن دون أن تحصل على المفتاح لتدخل إليه! إذ يشتري العميل كمية بيانات كبيرة ولكن مع الأسف الشديد لا يستطيع استهلاكها بسبب ضعف الانترنت خلال الفترة الزمنية المحددة للاستهلاك.

وتمثل ساسية الاستخدام العادل في معدل استخدام البيانات اليومية إشكالية كبيرة، وأعتقد أن هذا الأمر بحاجة لإعادة نظر ومنح فرص أكبر لمشغلين جدد، واستقطاب شركات عالمية جديدة أيضا، فالمملكة سوق كبير وطموح ومطلب لكل الشركات العالمية لتقديم خدمات الاتصالات.

ومع هذا انتهجت بعض الشركات سياسة «تطبق الشروط والأحكام» ولا شك أن العقود التي تبرم مع العملاء فيها كثير من الضبابية، خاصة أن الإعلان عن الخدمات يكون بشكل مغاير غالبا لما توجد عليه الخدمة فعليا، وتظهر المشكلات فيما بعد الاشتراك في الخدمة دون وجود حلول مناسبة بسبب ضعف التغطية من قبل الشركة المشغلة.

ولا يعوض مثلا العملاء عن ضعف الانترنت أو انقطاعه، ناهيك عن إلزام الشركات للعملاء بالاشتراك في باقات محددة ودفع أقساط شهرية في حال شراء العميل جهازا ذكيا بأقساط شهرية من قبل المشغلين للخدمة، مما يتسبب في تضخم الفاتورة للعميل ويصبح الاشتراك في الباقة إلزاميا طوال مدة التعاقد!

أعتقد أن الحاجة أصبحت ماسة لتحديد سقف سعري يتناسب مع سرعة الانترنت في المناطق المختلفة بحيث ترتبط أسعار الخدمة بالسرعة المتوفرة فعليا على أرض الواقع، بسبب أن بعض الشركات المشغلة تمتلك تغطية جيدة في مناطق وأحياء دون سواها، وفي حال سفر العميل أو انتقاله تبدأ تظهر له الانقطاعات المتكررة والضعف الشديد.

asahely@