عبدالله المزهر

ولكنكم قوم تستأجرون ..!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الاثنين - 25 مارس 2019

Mon - 25 Mar 2019

كل الأحاديث عن التعليم والخطط والمستقبل، والرؤى والتنظيرات والمناهج والمعلم والطالب ومؤتمرات وتصريحات الوزراء القادمين والراحلين وما بين ذلك من خلق ـ وهم كثير ـ كل ذلك يصبح ـ في نظري على الأقل ـ شيئا لا معنى له ولا قيمة حين تقع عيني على إعلان لوزارة التعليم تبحث فيه عن مبان مستأجرة لمدارسها، حتى ولو كان مبنى واحدا فقط ـ مع أنه ليس كذلك ـ هذا الأمر هو الإضافة التي تفسد كل الطبخة مهما كان الجهد الذي بذل في توفير مقادير الطبخة ومهما كان التركيز عاليا في تحري دقة بقية المقادير.

وربما يكون لدى الوزارة عذرها، في الاستمرار في استئجار المنازل لتحويلها إلى مدارس، لكني لا أعرف ذلك العذر، وقد حاولت أن أختلق لها أعذارا فما وجدت أيا مما وصل إليه خيالي يمكن أن يكون عذرا مقنعا.

الجانب المشرق في هذا الخلل التعليمي الفاضح هو أني أجد شيئا من التسلية والعزاء في ظل وجود مثل هذه الوزارات التي ما زالت تبحث عن مساكن تستأجرها. وأستخدمها كحجة حين تسخر مني أمي لأني لم أبتن منزلا لي ولأطفالي حتى الآن. وحين تسألني غاضبة «وين تودي فلوسك؟»، فإني أقارن بين راتبي وبين الميزانيات المليارية لتلك الوزارات، وتقتنع في بعض الأحيان وفي أحيان أخرى تذكرني بأنها أمي وليست أم الوزارة.

وهذا يجعلني أتخيل أنه لو كان للوزارة أم تسأل عنها وتحرضها على الجدية لما تجرأت على تبديد أموالها في استئجار المنازل وتحويل المطابخ إلى فصول دراسية.

وهذه الأم قد تكون على هيئة مجلس تشريعي يحاسب ويسأل، أو هيئة أعلى من وزارة التعليم تكون مسؤولة عن الخطط والاستراتيجيات العليا للتعليم ومحاسبة الوزارة والوزير عن طريق قياس مدى الالتزام بتلك الاستراتيجيات، خاصة أن منصب وزير التعليم في سباق محموم مع منصب مدرب المنتخب لتحطيم الرقم القياسي في عدد التغييرات والتبديلات.

ومع إيماني بالتغيير والبحث عن الأفضل إلا أني مؤمن أيضا بأن كثرة التغيير مشكلة وليست حلا. وإذا كان تغيير مدرب المنتخب قبل أن يحفظ أسماء لاعبي الفريق يشير إلى خلل ما، فكذلك يشير أي تغيير مشابه في أي مكان آخر.

وعلى أي حال..

أظن ـ وللتذكير فإن ظنوني ليست يقينا يعتد به ـ بأن تفاصيل صغيرة قد تكون هي الحلول للمشاكل الكبيرة، الاهتمام بالمبنى المدرسي، بالمقصف، بوقت الحصة الدراسية بطول اليوم الدراسي أهم بكثير من الحديث عن مشاريع كبرى غالبا لا تروق للوزير الذي يكون في الغالب جديدا، والذي بدوره يخترع مشاريع كبرى أخرى لا تعجب الوزير الذي سيخلفه بعد عدة أشهر، وهكذا إلى أن تصل الوزارة إلى الحد الذي قد أبني فيه منزلا وهي ما زالت تستأجر، وهذا سيفرح أمي بالتأكيد، لكنه سيفوت الفرصة على الوزارة لاتخاذي حجة تستخدمها لإقناع أمها أن الناس ما زالوا يستأجرون.

@agrni