عبدالحليم البراك

ماذا تفعل بك دقيقتان وعشرون ثانية ثقافيا؟!

الاثنين - 25 مارس 2019

Mon - 25 Mar 2019

ماذا تفعل بك دقيقتان وعشرون ثانية ثقافيا؟ وبحسبة حقيقية، أقدم لك مفارقات لطيفة في القراءة، ربما تجعل بعض القلوب الضعيفة اللطيفة تصغي السمع قليلا فتقرأ، بدلا من أن نصبح مجتمعا يمعن في الترفيه السلبي بلا فائدة.

بحسبة حقيقية، وبعد إنهاء قراءة هذا المقال، ستكون أمضيت دقيقتين وعشرين ثانية فقط في قراءته، بينما لو فتحت هاتفك المتنقل وفتحت على تطبيق الواتس الفارغ من كل شيء مفيد، ستجد أنك أمضيت أكثر من عشرين دقيقة متنقلا ما بين دعابات الأصدقاء، ونكت فارغة، وأشياء أخرى ربما أكثر من ينتقدها أنت!

بحسبة بسيطة، يعادل هذا المقال صفحتين في كتاب من القطع الصغير، وهذا يعني أنك تحتاج لشهرين لتنهي كتابا من مئة وعشرين صفحة، وهذا يعني أيضا أن تنهي كل سنة ستة كتب، من القطع نفسه، مما يعني أنك في عشر سنوات قرأت ستين كتابا، ولو سألت نفسك في العشر السنوات الأخيرة كم كتابا قرأت؟ فقد يكون الرقم مخجلا، أما أحد الظرفاء، فإنه يحاول أن يغلبك ويقول قرأت كتاب الله، ونحن نقول: أعظم كتاب، ولعلك قرأت معه ثمانية وخمسين كتابا أخرى.

وبنفس الحسبة أيضا بعد مشاهدتك لمباراة في كرة القدم تعادل نصف كتاب من القطع الصغير لو أنك أمضيتها في القراءة، بالمناسبة لم أحسب الوقت بدل الضائع في المباراة، ولا انتظار بين الشوطين الذي لا فائدة منه في الإنصات لمحللين كاذبين، ولا الأشواط الإضافية لو كانت مباراة كؤوس، أو ما ينفقه حكم المباراة في مشاهدة نظام الفار للتحقق من لعبة طائشة بين لاعبين اثنين احتك أحدهما بالآخر هل هي ضربة جزاء أم لا؟

وبنفس الحسبة أيضا، أنت تأكل سلطة خضراء مفيدة في المنزل فيها كثير من الألياف وقليل جدا من السعرات الحرارية وتستغرق منك ما تستغرقه قراءة هذا المقال أو أمثاله، فلو قرأت وأنت تأكل بدلا من مشاهدة التلفزيون وأنت تأكل، بشرط أن تستمتع بالطعام وأن تهضم أكلك جيدا، وذلك في كل مرة تأكل هذه السلطة الخضراء المفيدة، وبافتراض أنك تأكل سلطة خضراء مفيدة مرتين في اليوم، فأنت سوف تنهي كتابا كل شهر، واثني عشر كتابا كل سنة، ومئة وعشرين كتابا كل عشر سنوات، وهذا يعني أن تكون لديك مكتبة في المنزل حية وليست للديكور والتباهي (أظن أن موضة التباهي في المكتبة ولت من غير رجعة، فمؤخرا لا مكان للمكتبات في المنازل الأنيقة الجديدة!).

عموما، وبعيدا عن حسبتي البسيطة، لو ذهبت إلى معرض الرياض أو معرض جدة للكتاب، أو معرض القصيم السنوي للكتاب، واخترت ستة كتب فقط، وواعدت نفسك ألا يأتي معرض الكتاب للعام القادم إلا وقد أنهيتها، فإن لم تفعل، وزعمت أنك مثقف، فاعلم أن ثقافتك (واتسبية، تويترية، جوالية) هشة لا قيمة لها!

Halemalbaarrak@