عبدالله المزهر

أم أم العالم ..!

الاحد - 24 مارس 2019

Sun - 24 Mar 2019

أذكر أني قلت قبل فوز ترمب بمقعد الرئاسة الأمريكي إنه مرشحي المفضل، العالم يحتاج إلى شخص مثل ترمب كدواء لكثير من الأمراض التي تدب في جسد هذا الكوكب وسكانه البؤساء ـ أو البائسين.

أول هذه الأمراض الرغبة في تجاهل الحقيقة، وإدمان الوهم وتخيل ما لا يمكن أن يحدث، ترمب إما أنه أذكى أو أغبى رئيس مر على أمريكا «أم أم العالم»، لا يمكن أن يكون في منطقة وسطى.

وقد كنت أتمناه رئيسا لأني أكره الدبلوماسية، وهو رئيس لا يحسن تخزين الأفكار، فأفكاره تسكن طرف لسانه أكثر من الوقت الذي تقضيه في رأسه، وأغلب الظن أنه يقوم بذات الأعمال التي كان يقوم بها من سبقوه والتي سيستمر فيها من سيخلفه، لكن الفارق هو أنه صريح ومباشر ولا يحترم أحدا ولا يخشى عواقب كلماته. وهذا ما كنا نبغ، وأنا هنا أتكلم بالأصالة عن نفسي ونيابة عن بقية سكان الكوكب.

هو الرئيس الوحيد الذي يقول للعرب بشكل مباشر إنهم مجموعة من الكائنات الزائدة عن الحاجة، ويتعامل معهم بفوقية وإذلال لأنهم لا يحترمون أنفسهم، وحين لا تحترم نفسك فمن السخف أن تطلب من غيرك أن يفعل ذلك.

في إعلانه الأخير عن ضرورة الاعتراف بالجولان أرضا تابعة للكيان الصهيوني يقول إن المبرر أنه مر وقت طويل منذ احتلالها، أي إنه يقول للعرب لقد مر أكثر من خمسين عاما على سرقة الصهاينة لهذه الأرض وأنتم لم تفعلوا شيئا ومن الواضح أنكم لن تفعلوا، ولذلك فإني سأعترف أنها لهم. ثم أخبرهم ـ أي العرب ـ تصريحا وليس تلميحا أنه حين نقل سفارته للقدس لم يحدث شيء، وأتفق معه أنه لن يحدث شيء حتى لو اعترف بأرض إسرائيل من الفرات إلى النيل. وإن حدث شيء فإنه لن يتعدى قليلا من الثرثرة والقصائد والمقالات ثم القبول بالأمر الواقع كما يحدث في كل مرة.

وهو يعلم قبل غيره أن أكثر قوافل بني يعرب تتزاحم على أبواب الصهاينة طالبة الرضى والقبول، وأن الحديث عن «الاحتلال» أصبح لا يتفق مع بريستيج الدول الحديثة التي تريد تقديم نفسها للعالم على أنها متسامحة وطيبة وتحب الناس، ومسامحة المحتل هي أعلى درجات التسامح بالطبع.

والعرب مهتمون بتخوين بعضهم البعض أكثر من اهتمامهم بالخيانة نفسها، وعلى سبيل المثال لا الحصر فإن النشيد الوطني الصهيوني يعزف في الدوحة، لكن هذا لا يعني شيئا لقناة الجزيرة التي تتجاهل النشيد الذي يعزف على بعد بضعة أمتار من مقرها وتبحث عن مجهول يقول إن السعودية باعت فلسطين ليكون ضيفا دائما في برامجها.

وإن كنت أعتب على ترمب فإني أعتب عليه عتب محب، لأني أظن أنه يحاول دق أسافين الخلاف بين شعوب هذه المنطقة، وهذا جهد لا مبرر له، فسكان هذه البقعة من الكوكب لا يتفقون ولا يعرفون كيف يتفقون ولا يجيدون السير إلى الأمام. فلعله يوفر طاقته وجهده في فعل أمر مفيد آخر.

وعلى أي حال..

كنت أسخر ـ ليس كثيرا ـ من تلك السيدة المصرية التي قالت بأنها «عاوزة القيامة تقوم» حين سئلت عن أمنياتها للعام الجديد، ثم إني بدأت أكتشف أنها أكثر الأمنيات واقعية ومنطقية، وفيها حل جذري لكل المشاكل العالقة.

@agrni