محمد النفاعي

فخ البابتية المهنية

الجمعة - 22 مارس 2019

Fri - 22 Mar 2019

يختتم اليوم معرض الرياض الدولي للكتاب والذي أقيم تحت شعار «الكتاب بوابة المستقبل».

هنا تذكرت الجملة الافتتاحية الشهيرة للبرنامج الإذاعي الكويتي القديم «نافذة على التاريخ»، والتي كانت تقول «الحاضر غرس الماضي، والمستقبل جني الحاضر، والتاريخ سجل الزمن لحياة الشعوب والأشخاص والأمم، التاريخ هو الحضارة وتطورها، هو الإنسانية وتقدمها هو العلاقات البشرية ومسيرتها».

المقولة ركزت على أهمية التاريخ وأعتقد أن ذلك بسبب نوعية البرنامج، ولكن أعتقد أيضا أنها تثبت شعار المعرض بأن المستقبل جني الحاضر وهو في هذه الحالة الكتاب. الكتاب الذي أعتبره من أفضل الوسائل للسفر عبر التاريخ والجغرافيا ومشاركة العقول والتواصل مع الأحياء والأموات على حد سواء. هذا ينير العقول ومن ثم يفتح لنا أبواب المستقبل.

عند زيارتي للمعرض ابتعت رواية «بابِت» وهي رواية أمريكية مشهورة كتبها الروائي سنجلير لويس، الحائز جائزة نوبل للآداب عام 1930م، في بداية العشرينات الميلادية من القرن الماضي وبالتحديد عام 1922. الرواية ببساطه تتكلم عن شخص تعدى مرحلة منتصف العمر، ووصل إلى حالة من التصالح مع واقعه الاجتماعي والمهني على الرغم من عدم سعادته بذلك. هو من الطبقة المتوسطة الميسورة الحال لديه عائلة وبيت وسيارة ومهنة لا يحبها تدر عليه المال، أي هو لا يعاني من أي مشاكل مالية أو اجتماعية أو حتى مهنية، ولكنه غير سعيد.

بعد نجاح الرواية، انتشر مصطلح البابتي على كل شخص يمر بهذه الحالة. في بيئة العمل من الطبيعي أن نمر بحاله البابتية مهما اختلف مستوانا الوظيفي، ولكن ليس من الطبيعي أن تسيطر علينا هذه الحالة، خاصة من كان مسؤولا عن إدارة أشخاص أو يتولى مهام نوعية ويتعامل مع الزبائن والجمهور بشكل عام.

من تجربة واقعية، سنحاول أن نفتح أبواب المستقبل لمن وقع في فخ البابتية، والتي تسبب للبابتي فتور الحماسة والاستمتاع بالعمل مع من حوله والقيام بواجباته على أكمل وجهه، وذلك بإسداء نصائح عامة للخروج منها.

سأختصر النصائح التي يعتمد نجاحها على البابتي المدرك لحالته ويسعى للخروج منها أو أحس أنه في الطريق للوصول إليها:

• الإقبال على التعلم مهما كان عمر البابتي أو المستوى الوظيفي وهذا ما أسميه «استدامة التعلم».

• إضفاء روح الهواية للعمل على قدر المستطاع.

• الحرص على الابتكار والقيام بالمبادرات، للاستفادة من الخبرات المتراكمة على مر السنين والحرص على التأثير بغض النظر عن العوائد الأخرى.

• الانفتاح أكثر عن الآخرين عن طريق المشاركة الفاعلة والإيجابية في النشاطات الاجتماعية داخل المؤسسات.

• المرونة في التعامل مع الأمور اليومية والضغوط والتحديات الوظيفية.

• خفض التوقعات عند التعامل مع بيئة العمل حتى تصبح المكاسب البسيطة ذات معنى.

ختاما، البابتية مرحلة تنتشر أكثر بين أصحاب الخبرات، والذين عليهم الاستفادة من هذه الخبرة الحياتية للخروج بأقل الخسائر من هذه المرحلة. وعدم الوقوع في فخ الاستمتاع بدور الضحية للظروف، وأن سبب حالته هو عدم فهم من حوله لإمكاناته الكبيرة والحيلولة دون تحقيق رغباته وطموحه الشخصي.

بالمقابل وقوعها بين الأقل خبرة والجدد من الموظفين مؤشر خطير للمنظومة يجب التعامل معه بجدية.

@MSNABQ