عبدالغني القش

فواتير المياه.. تعنت ومعاناة!

الجمعة - 22 مارس 2019

Fri - 22 Mar 2019

يستيقظ المجتمع فجأة على فواجع عجيبة، وقرارات غريبة، هكذا ودون سابق إنذار تسن أنظمة ويراد تطبيقها سريعا وبشكل كلي وبكل تعنت!

التدرج سمة من سمات العقلاء، وطريقة الحكماء، وبه يتم تطبيق ما يراد؛ ليتم تقبله، ويصبح مستساغا عند من يراد تطبيقه عليه.

لكن الملاحظ أننا في كثير من أنظمتنا لا نتدرج، بل نريد التطبيق الكلي وبشكل فوري، وقد سبق الحديث عن بعض الأنظمة كالنظام المروري الذي كان يفترض أن يكون محور حديث اليوم، لكن ما طرأ على المجتمع من نظام آخر، يمثل قسوة في تطبيقه، وتعنتا في إرادة الوصول إلى أقصى ما يمكن، كان سببا في تأجيل مقال السلامة المرورية.

إنه نظام الفواتير الحديث للمياه، والذي بات حديث المجتمع، لما يمثله من عجائب وما يعتريه من غرائب.

مبالغ كبيرة تم توجيهها للمواطنين، ومن لطف الله أن النسبة العظمى من مالكي العقارات هم من الرجال، وإلا لسمعنا وشاهدنا العديد من حالات الإسقاط ولخسرنا عددا كبيرا من الأجنة!

رأيت بأم عيني شيخا كبيرا قاربت فاتورته الخمسين ألف ريال، ومواطنا لم يكمل شهرا في منزله الجديد وكانت فاتورته تفوق 14 ألفا، وحالات عديدة من المراجعين، والموظف المغلوب على أمره لا يملك إلا التهدئة، ويخبر بعضهم بأن هذا المبلغ تقديري (من النظام).

لا أعرف كيف يمكن تبرير مثل هذا الإجراء؟ وكيف يترك للنظام وضع مبلغ عشوائي من تلقاء نفسه، وهل يقبل القائمون على النظام أن يتم تطبيق ذلك عليهم؟!

إن من العجائب - وأكاد أجزم أن هذا يحدث للمرة الأولى في التاريخ - أن تصدر الفواتير بشكل عشوائي متعمد، ويطلب من المشتركين الاعتراض، والأعجب أنني لم أجد مواطنا إلا وتم تخفيض قيمة فاتورته وبشكل كبير جدا، ربما وصل التخفيض في بعض الحالات إلى 70 أو 80 %، وربما فاق ذلك بكثير، فالشخص الذي لم يمض على سكناه شهر تم تخفيض فاتورته لنسبه تجاوزت 93%!

ومن عجب أن يتم تغيير معظم العدادات وبشكل سريع جدا، في محاولة لتعديل الوضع السابق، وفي ذات الوقت سحب العدادات القديمة، دون إخطار المشترك وإطلاعه على القراءة القديمة في العداد المسحوب، ليقال له بعد ذلك إن المبلغ المطلوب منك معقول، ويتم احتساب العام بمبلغ كبير، ربما يراه القائمون على الأمر مقبولا، وهو في واقعه لا يطاق عند كثير من المواطنين، وإن كان الأمر كذلك فمن غير السائغ تقدير الجهاز لسنوات ربما تمتد لسنوات تصل لعقود من الزمان!

إن المؤمل أن تعيد الشركة الوطنية للمياه النظر في هذا الوضع، وأن تتكامل مع وزارة البيئة والمياه والزراعة، ليكون العمل أكثر انضباطا، وأن تضرب صفحا عما مضى من الزمن، فمن غير المقبول أن تأتي في يوم وتطلب مبالغ لعقود مضت، وطالما أن العدادات القديمة لم تكن دقيقة - كما هو ظاهر للعيان - فإن المقترح هو البدء من جديد، وعندها ستتولد قناعة لدى كل مشترك أن الفاتورة التي ترد إليه هي ما تم استهلاكه فعليا من المياه.

وأتمنى أن يصاحب ذلك حملات إعلامية مكثفة للتعرفة الجديدة، والتي أرجو إعادة النظر فيها أيضا، وقد سبق أن ذكر ولي عهدنا الأمين قبل نحو عامين أن التعرفة الجديدة طبقت بطريقة غير مرضية وسيتم تصحيحها، ومن التصحيح إعادة النظر في التعرفة الحالية التي تضاعفت عما قبل أضعافا كثيرة!

ومن ناحية أخرى فإن عملية سحب العدادات دون سابق إنذار أمر يثير حفيظة المشتركين، ويرجون إيقافه عاجلا.

وفي ختام المشهد فإن الجميع قد وردته فواتير أقل ما يمكن أن توصف به أنها غير مرضية، وفاقت التوقعات بكثير، والمرجو التدخل السريع للتصحيح وتجاوز ما فات والبداية من جديد، فهل يتحقق ذلك؟

[email protected]