عبدالله المزهر

الخراب أسلوب حياة...!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الثلاثاء - 19 مارس 2019

Tue - 19 Mar 2019

من أكثر الأشياء غباء واستفزازا تصديق تلك الفكرة التي تقول إن انسحاب قوات التحالف من اليمن سيجعله أكثر أمنا واستقرارا، ولا يقل عنها غباء تصديق تلك الفكرة التي تقول بأن الحرب على الحوثي هي سبب ما يمر به اليمن من أزمات وتدهور في كل مناحي الحياة.

لو كان اليمن في جزيرة معزولة على مشارف القطب الجنوبي ثم حكمه الحوثيون لكان الوضع كما هو الآن، لن يتغير شيء لأن الحوثيين فكرة، وهي فكرة لا يمكن أن تعيش في وضع طبيعي. فكرة تحتاج إلى مستنقع لكي تنمو، ولذلك فإن الخطوة الأولى التي تقوم بها هي وأخواتها في كل مكان يريدون العيش فيه هي تحويله إلى مستنقع آسن.

هذا ما يفعلونه في اليمن وما يفعلونه في لبنان وما فعلوه في العراق وما يريدون فعله في كل مكان.

والحرب ضدهم لن تكون قصيرة أو محدودة، لأنهم ببساطة لا يهتمون لشيء، في الحروب التي تكون بين «قوى» لديها الحد الأدنى من الالتزام الأخلاقي تكون الحياة أحد معايير استمرار الحرب أو توقفها، حين يتأذى الناس وتمس حياتهم ومصادر رزقهم يصنف هذا الأمر لدى البشر على أنه خسائر وأضرار، لكن في عرف عصابة الكهوف لا يحدث هذا، فكلما تأذى الناس أكثر وضاقت عليهم سبل الحياة اعتبر الحوثي ذلك انتصارا جديدا، مثل هذه الميليشيات تعتمد على الخراب للتسويق لنفسها، وإن لم يكن هناك خراب فستخترعه. لأن المظلومية هي

عصب الحياة بالنسبة لها، وكل انكسار في عيون الناس ـ الذين تقول إنها هي من يحكمهم ـ تعتبره الجماعة نيشانا جديدا يعلق في كهف القائد. يعتبرون كل قتيل وكل مصاب قطعة تكمل الصورة الكبيرة للمظلومية.

هم أناس لا يمكن أن يعيشوا كبشر أسوياء يحبون الحياة ويحبون الناس. وهذه ليست شتائم بالمناسبة، هي مجرد توصيفات، وأظنهم يحبون أن تكون هذه صفاتهم التي يتفاخرون بها، وهذا مرض مركب.

وهذه العصابة تستفيد كثيرا من وجود قوى إعلامية تريد تشويه صورة الطرف المقابل لأسباب لا علاقة لها بالحرب في اليمن، وليس لديها أي مشكلة في إلصاق أي نقيصة به. مع أن ذات الإعلام كان يرى في الحرب على الحوثي عملا عظيما قبل تبدل المصالح.

ومع أن الذين يتباكون على أطفال اليمن لا خلاق لهم مكشوفون وواضحون، وسيبدلون مواقفهم لو تبدلت المواقف السياسية دون أي شعور بالحياء، إلا أن المعضلة أن الحقيقة لم تعد هدفا حتى لدى المتلقي الذي يريد تصديق كل ما يوافق هواه حتى وإن كان ضد منطق الأشياء.

وعلى أي حال ..

يقال بأن الحقيقة هي أولى ضحايا الحروب، ولكن في قصة اليمن الحزينة فإن الحقيقة دفنت قبل أن تبدأ الحرب، لكن الذين دفنوها لا يعلمون أن الحقيقة بذرة، وحين تدفنها فإنها حتما ستنمو من جديد. وهذه «حقيقة» لابد أن يعرفها دافنو الحقائق في كل مكان وزمان.

@ agrni