عبدالله زايد

حقوق الإنسان.. بيع وشراء

الثلاثاء - 12 مارس 2019

Tue - 12 Mar 2019

عندما انهار الاتحاد السوفيتي في 26 ديسمبر 1991م أدى إلى جملة من المشاكل في العالم، لعل من أبرزها تنامي أرقام الهجرات غير الشرعية، فكثير من البلدان التي كانت من ضمن الاتحاد السوفيتي، خرجت من هذا الاتحاد وهي مفلسة وتعاني من نكسات اجتماعية وفشل اقتصادي وانهيار تنموي، في هذه اللحظة انتهز تجار البشر من ضعاف النفوس في أمريكا وأوروبا هذه الحالة الإنسانية، وأدركوا أنهم أمام سوق مربحة وواعدة بتحقيق ملايين الدولارات بطرق كسب سريعة غير مشروعة.

وقد أشارت تقديرات منظمة الهجرة الدولية إلى أن مهربي البشر في أوروبا جنوا عشرة مليارات دولار أو أكثر منذ عام 2000 وتقول إن الأرقام الحقيقية قد تكون أعلى من هذا بكثير. وتبعا لهذه الحالة تزايد نشاط عصابات الجريمة المنظمة، فقد جاء في تقرير أعده المجلس الأوروبي أن «أرباح عصابات الجريمة المنظمة ارتفعت في المدة الأخيرة إلى نسبة 400% في سوق يبلغ عدد ضحاياه والمتعاطيات معه نحو نصف مليون امرأة ربعهن من منطقة البلقان، وأن منظمات الجريمة المنظمة تكسب من هذه التجارة أكثر من 13 مليار يورو سنويا».

وقد نشرت منظمة دولية تسمى مساعدة الأطفال، تابعة لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة يونسيف، دراسة جاء فيها أن «التجارة الدولية غير المشروعة بالنساء والأطفال تزيد في العالم باطراد وخاصة في أوروبا، حيث يتم سنويا بيع 120 ألف نسمة بينهم أطفال ونساء وفتيات في دول الاتحاد الأوروبي، 80% منهن لا تتجاوز أعمارهن 18 سنة غالبيتهن من دول البلقان، وأن 90% من الضحايا أجبرن على ممارسة الدعارة».

المهاجرون الذين هم وقود لهذه التجارة المؤلمة، يحملون أسبابا منطقية وعميقة لقرار الهجرة، حيث ستجد الهارب من ويلات الحرب أو لتأمين حياة كريمة لذويه أو لقمة العيش لأطفاله. لا أحد يقرر شق البحر على مركب مهترئ لمجرد النزهة أو السياحة، ولا أحد يقرر السير بين الجبال والسهول والنوم مع الحشرات والقوارض والحيوانات المفترسة لمجرد الرغبة بتغيير جو أو التسلية.. من يصل إلى هذه الحالة تكون خيارات الموت والحياة قد تساوت لديه. لكن المؤسف والمحزن بحق أن المنظمات الحقوقية الدولية والدول الغربية فشلت منذ عقود حتى اليوم في إيجاد حلول إنسانية وعملية لقضية المتاجرة بالبشر من العصابات التي تتخذ من أراضيها مرتعا ومكانا، وتستغل حالات الفقر والعوز في بلدان أخرى.

أعتقد أن أمريكا ودول الاتحاد الأوروبي، مطالبة بمعالجة حقيقية لهذا الملف الإنساني، فمعظم هذه الجرائم وتبعاتها تقع ضمن حدودها وسلطتها، ومن غير المعقول أن تنادي بحقوق الإنسان في دول بعيدة عنها والإنسان على أراضيها يباع ويشترى.

@abdullahzayed