عبدالغني القش

التشوه البصري.. وإجراءات الأمانات!

الجمعة - 08 مارس 2019

Fri - 08 Mar 2019

لا يختلف اثنان على وجود التشوه البصري في مدننا ومحافظاتنا ومراكزنا، ومشاهد في شوارعنا وأحيائنا، بأشكال مختلفة، وصور متعددة، وبكثافة ونسب تتواكب والمساحة الجغرافية.

وقد عشت في جولة طويلة وعلى مدى ليس بالقصير على معظم ما حواه موقع البحث الشهير قوقل لأشاهد ما قامت به المدن والمحافظات في هذا الخصوص، فوجدت جهودا جبارة، تمثلت في إزالة أطنان من المخلفات، وكذلك الأحواش وغيرها من الحظائر، من خلال أسطول من المعدات والآليات والقوى البشرية.

والكل يرحب بمثل هذا الإجراء ويرى أن الوزارة تأخرت كثيرا، وأن الأمانات أيضا والبلديات لم يكن من المفترض أن تنتظر توجيهات للقيام بمثل هذا العمل الذي يعد أصلا من صميم أعمالها، ويبدو أنها تراخت حتى باتت تلك التشوهات بالكميات الكبيرة المعلن عنها.

ولم أجد أمانة أو بلدية إلا ونفذت حملة لإزالة التشوه البصري، وأظهرت الآليات وهي تعمل بكامل طاقاتها، وبدت بعض المدن والمحافظات بحلة قشيبة وبصورة جميلة.

وفي هذا الإطار قامت أمانة المدينة بإجراء آخر وهو إلزام التجار بإزالة اللوحات وتوحيدها، هكذا دفعة واحدة، وبدون أخذ رأي التجار أنفسهم أو استشارتهم في النمط المختار، وبعد إقرار ما أرادت دعت لاجتماع لمناقشة القرار، وهو ما يذكرنا بإجراء تتخذه بعض الشركات والجهات بأن تنفذ ثم تعترض؛ فكان الأولى أن يكون الاجتماع قبل اتخاذ القرار، ثم ينظر في إقراره أو العدول عنه.

وبالعودة للقرار المتخذ والمتمثل في تغيير اللوحات جميعها وتوحيدها على نمط معين، وإجبار الجميع على ذلك، فإنه - في تصوري - يحتاج لإعادة نظر، والعجيب أن يكون ذلك بإنزال اللوحات من قبل الأمانة، في إجراء يقف المرء أمامه مندهشا وفي طياته ترتسم علامات التعجب والحيرة، مما زاد التشويه وأظهره، وأبرز بعض التساؤلات، ومنها: ما ذنب التجار الذين قاموا للتو بوضع لوحاتهم ولم يمض عليها سوى بضعة أسابيع أو أشهر وبمبالغ مكلفة جدا كما هو معلوم؟

ولماذا لم يعط التجار فرصة للتغيير، بحيث يكون ذلك بانتهاء مهلة معينة أو انتهاء الرخص الممنوحة لهم من قبل الأمانة؟

ثم هل يوجد لدينا ذلك الكم الكبير من شركات الدعاية والإعلان لتغطية جميع المحلات وبهذه السرعة؟

وأخيرا من يتحمل تلك التكاليف الباهظة للوحات والتي تصل لمئات الآلاف وربما تجاوزت سقف المليون لبعض الشركات والمؤسسات؟

وفي ختام المشهد هل يترك لتلك الشركات استغلال الفرصة ورفع الأسعار لأن التاجر مضطر للتعامل معها وبشكل سريع؟

وليتنا بدأنا بشوارعنا وطرقنا التي أتلفت مركباتنا، وأرصفتنا التي لا تليق، وكذلك تشجير الشوارع، والعناية بالمتنزهات والحدائق، وغيرها من الأمور التي تمثل تشويها ظاهرا.

إن التغيير مطلب حضاري، وإزالة التشوه البصري يرحب به الجميع؛ فهو يكمل منظومة الجهود التي تقوم بها الأمانات والتي يشهد لها الجميع ويقف أمامها بتقدير واحترام بالغين، ومن آخر ذلك حملة «مدينتي نظيفة» وغيرها، مع العتب على عدم تفعيل دور المتطوعين بشكل ملحوظ، ولكن المفترض أن تتم إزالة التشوه البصري بطريقة مدروسة ومتأنية، بحيث لا نضطر للتعديل مستقبلا، والنهج الحديث يتمثل في طرح الاستبيانات واستطلاع الآراء، ليتم في نهاية الأمر الاقتناع واتخاذ القرار المناسب؛ فمن غير المقبول إجبار الناس على شيء ربما يضرهم ويؤثر على اقتصادياتهم ويشكل عبئا عليهم، من أجل إجراء جمالي يمكن تحقيقه على مدى عام أو عامين؛ ليحسب كل تاجر حساباته ويضع ميزانياته، وليس بشكل فجائي وبسرعة الصوت.

إن المتأمل يجد أننا نسعى للتطوير وتستهوينا الجودة، ولكننا في غالب أحوالنا نتعجل الوصول، وهنا أخشى أن نتعثر أو ربما لا نصل، فهل نعيد قراءة أنظمتنا ونتأنى في اتخاذ قراراتنا؟

والأهم هل تعيد أمانة المدينة المنورة النظر في هذا القرار، وتستجيب للمطالب التي طرحها التجار عبر صحفنا ووسائل إعلامنا!

[email protected]