عبدالغني القش

«ما حنا بساكتين».. وإعلام المعادين!

الجمعة - 01 مارس 2019

Fri - 01 Mar 2019

يمثل الإعلام في عصرنا عنصرا فعالا، وله تأثير كبير جدا، ربما يصل إلى درجة المساس بالدول وإثارة التساؤلات حولها، مما ينعكس سلبا أو إيجابا على مكانتها، فربما يؤدي لتشويه صورتها على المستوى العالمي، وفي المقابل قد يصور دولة ويرسم صورة رائعة لها.

ومن هذا المنطلق الذي يتفق عليه الجميع يتوجب على وسائل الإعلام العناية ببرامجها وما تبثه فيها على كافة المستويات وبشتى الصور الإعلامية المرئية والمسموعة والمقروءة.

ولعل من الحكمة وبعد النظر تأمل انعكاس ما يتم بثه قبل نشره، والأخذ في الحسبان ردة فعل المشاهد والسامع والقارئ للمادة الإعلامية، خاصة أن هناك إعلاما معاديا ربما يجد بغيته في تلك المواد ويقوم بتضخيمها وتعميمها على كافة فئات المجتمع ويصورها على أنها الحالة العامة له، وهو بعض ما تقدمه موادنا الإعلامية.

ومن المؤلم انتشار بعض المواد الإعلامية باللهجة العامية، مع أن اللغة العربية الفصحى تفي وتكفي، وهي لغة بلادنا الرسمية بحسب نظام الحكم في بابه الأول، وقد لفت الأنظار كلام مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة مؤخرا عندما أكد أهمية اللغة العربية وضرورة الالتزام بالحديث بها، وأنه يمتعض كثيرا من الكلمات غير العربية، ومن العجب أن تكون هناك برامج تبث على نطاق الفضاء للعالم ويكون عنوانها باللهجة المحلية!

ومن غير المقبول اتخاذ بعض الأمور التي لا يمكن تعميمها على مجتمع بأكمله، وجعلها محورا لحديث يمتد بين أخذ ورد، وتصويره على أنه قضية مجتمعية عامة وتهويلها وانتقاء بعض الضيوف للحديث عنها، ثم إجراء مكالمة هاتفية مع المسؤول، لتتم مقاطعة حديثه ومحاولة إسكاته لإفهام المشاهد أن ما يقوله مقدم البرنامج وضيوفه هو الصحيح، وتقديمه على أنه الواقع المعاش، وبطريقة لا تمت لأدبيات الحوار بصلة، والابتعاد عن الإنصاف وطرح الموضوع بشفافية، من خلال طرح لا يرتقي للذائقة، بل برفع الصوت والانفعال الشديد غير المبرر، وهنا أتساءل: هل مثل هذه السلوكيات برمتها تمت لمجتمعنا بِصلة ولطريقة تعاطينا مع غيرنا؟!

ومن المؤلم أن تقدم مثل هذه البرامج عبر قناة غير حكومية، مع أن مقدم البرنامج - وأعتقد أنه المعد له أيضا - يرأس جهازا إعلاميا حكوميا، فلماذا لا يتم تقديم مثل هذه البرامج التي يفترض أنه يراد منها الإصلاح عبر قنواتنا التلفزيونية الرسمية، وهذا أمر أكده مرارا ولي عهدنا الأمين، بل وقام به شخصيا من خلال لقاءاته وحواراته، أليس هذا التصرف يثير التعجب ويجلب معه العديد من علامات الاستفهام!

إن من المؤلم أن نقدم مثل هذه البرامج للإعلام المعادي وعلى طبق من الفشل الذريع، ليقوم ذلك الإعلام باستغلالها واستثمارها ضدنا، ويزيد عليها ليقول للعالم هذا هو المجتمع السعودي ومن خلال برامجه التي يبثها، فيصورنا على أننا غير منصفين، وليس لدينا من الأنظمة ما يكفل حقوق من يعيشون بيننا، أو أننا على درجة كبيرة من التسلط والجبروت، فلا نخاف ربا ولا نقيم لتعاليم ديننا وزنا، وأن أنظمتنا لا زالت تحاط بالغموض ويعتريها النقص الشديد! وغير ذلك من أمور استغلها ولا يزال الإعلام المعادي مع بالغ الأسف.

لا ندعي أننا شعب ملائكي، وهذا حال جميع المجتمعات الإنسانية، فهناك الشواذ الذين يعيشون بيننا، وهناك نقاط الضعف في بعض أنظمتنا، ولكن لغة التعميم هدامة دوما، وليس من المعقول إسقاط مثل تلك الهفوات على جميع أنظمتنا، ولا من المقبول تقديم الحالات الشاذة على أنها تمثل المجتمع بأكمله.

وأرجو مراجعة جميع برامجنا، فالإعلام المعادي يتربص بإعلامنا، ويستغل أي فرصة لتشويه سمعتنا، والنظر لما يبثه إعلامنا بعين السخط، وعليه فإننا أيضا لسنا بساكتين.

[email protected]