عبدالعزيز الساحلي

رفع المعاش أو السن للمتقاعدين

الأربعاء - 27 فبراير 2019

Wed - 27 Feb 2019

تمتد رحلة الحياة في العمل عبر سنواته الطويلة ليقضي فيها المرء أجمل أيام شبابه، ويخدم وطنه ويساهم في بناء المستقبل الذي يتطلع إليه كل الشباب، حتى ينتهي به المطاف إلى الشباب المتقدم وتبدأ مرحلة التقاعد مثل الحياة الجديدة تماما، حيث تقترن مرحلة التقاعد بانخفاض كبير في دخل المتقاعد ويقتطع من الموظف مبلغ هذا الراتب التقاعدي طوال سنوات العطاء الممتدة لعقود من الزمن.

فمثلا يصل سن التقاعد في النرويج إلى 67 عاما للرجال والنساء، ويمتع السكان في هذا البلد بمتوسط عمري مرتفع يصل إلى 82 عاما، وكذلك أعلى معاشات التقاعد في العالم.

العوامل المختلفة في التقاعد تختلف بحسب قوانين البلدان، وكذلك الحالة الصحية والنفسية للموظفين، فهناك من يصل إلى عمر الستين عاما وهو بصحة جيدة ولديه تراكم خبرات عريضة، فهو متابع لمستجدات العصر ويعمل على تطوير ذاته والتزود بكل حديث وجديد في مجاله، ليصبح مناره في العمل ومصدر إلهام وإشعاع للشباب، وعلى العكس تجد من يصل الستين عاما وصحته لم تعد تسعفه لشيء وهذه سنة الحياة.

ولكن الملاحظ لدنيا أن مرحلة التقاعد أصبحت كابوسا يؤرق كثيرا من الموظفين، فهي قد تنقله من مستوى معيشي ودخل جيد إلى آخر متدن، وربما يضطر للحصول على مساعدات من الجهات الخيرية والاجتماعية أو العمل مرة أخرى في القطاع الخاص بأجر متدن لسد بعض احتياجاته واحتياجات أسرته، وهذا لا شك يدفع إلى حاجة مراجعة نظام رواتب التقاعد لدينا.

يعاني كثير من المتقاعدين من الفراغ الذي يمثل هاجسا ورعبا آخر، فلا جمعيات ولا مراكز تجمعهم وتستفيد من خبراتهم أو أعمال تناسب مؤهلاتهم أو حتى لا يجدون من الرفاق والأصحاب ليمضوا معهم بعض وقت الفراغ ولتهدر طاقات وخبرات البعض منهم صرفت عليه الحكومة الكثير والكثير من المال من أجل التعليم والتدريب والتطوير ثم لا تلبث وتذهب كل تلك الخبرات والدورات هباء منثورا.

إن وجود حوافز مادية ومعنوية تشجعية للموظفين أمر ضروري بحيث يتحصل عليها الموظف وفقا لضوابط محددة لمن يحقق إنجازا وطنيا أو يساهم في الأبحاث والابتكارات ليستحق مكافآت تدخل ضمن الراتب التقاعدي، فمثلا من يحقق إنجازا أمنيا يستحق مكافأة تستمر معه إلى أن يتقاعد وتصرف له ضمن الراتب التقاعدي دون أن تخضع للخصم.

هناك أيضا صعوبة كبيرة تواجهها أسرة المتقاعد عن العمل في الحياة العامة، خاصة في ظل أزمة السكن الحالية والفواتير ومتطلبات الحياة المتصاعدة يوما بعد يوم، والتي تستهلك قدرا من ميزانية الأسر، وهي كذلك تواجه عزوف المؤسسات المالية عن الإقراض والتمويل وعرض الفرص والتشجيع على العمل الخاص والإنتاج والمساهمة في دعم تلك الأسر، فبدلا من مساعدتها ترفض أغلب المؤسسات المالية من بنوك وشركات تمويل تقديم التمويل للمتقاعدين أو من أوشك على سن التقاعد وهذا لا شك بحاجة ماسة إلى توزيع الأدوار بين المؤسسات المالية للمساهمة في دعم أسر المتقاعدين.