عبدالله المزهر

أضغاث واقع!

الاحد - 10 فبراير 2019

Sun - 10 Feb 2019

أرجو ألا أكون قد آذيتكم بكثرة أمنياتي، وإن كنت آذيتكم بالفعل فأنا واثق أني لست الوحيد الذي يفعل، وهذا يعفيني من مسألة تأنيب الضمير، ويعفيكم من مسألة كراهيتي منفردا.

المشكلة أنه لا يتحقق من تلك الأمنيات شيء وفي كل مرة يموت حلم أعود وأتمنى شيئا آخر، والحقيقة أن عدم تحقق أحلامي لم يؤذني كثيرا على غير ما كان متوقعا. كنت أحلم الحلم وأتخيل أن الحياة ستتوقف فعليا إن أنا فشلت، لكن الذي يحدث أني أفشل والحياة تستمر غير مكترثة بي وبأحلامي وأمنياتي.

حلمت أن أكون مغنيا لكن من حسن حظ كوكب الأرض أن هذا الحلم لم يتحقق، كان يجب أن تكافئني الحياة على أني لم أصبح مطربا أعذب البشرية صباح مساء وأنا أرفه عنهم.

وفي فترة ما رغبت بشدة أن أكون مبعوثا أمميا للسلام في أماكن الصراع الكثيرة في هذا الكوكب، تعجبني هذه الوظيفة الغريبة، لأن من شروط الاستمرار فيها أن تفشل في أداء مهمتك. والفشل يكاد يكون هوايتي والمجال الذي أبدع فيه أكثر من أي شيء آخر.

سأذهب إلى مكان يقتل الناس فيه بعضهم البعض، وأتقاضى راتبا كبيرا ولا أبذل أي جهد لإنهاء مشكلتهم حفاظا على مصدر رزقي واستمرار تدفق راتبي المليوني.

ثم راودتني أحلام أني سأكون أفضل لاعب كرة قدم في التاريخ، لكني أصبت بكسر في قدمي وأنا نائم أحلم، فماذا كان سيحدث لو لعبت كرة قدم في الواقع. وهذه قصة حقيقية لا أخبر أحدا بتفاصيلها لأنه في الغالب لا أحد يصدقها، وأنا لدي من القصص التي يكذبها الناس ما يكفيني.

سألت أحد أطفالي ذلك السؤال المستفز الذي يسأله الكبار للأطفال: ماذا تريد أن تصبح حين تكبر؟ فقال لي دون تردد: أريد أن أبقى إنسانا.

هو لم يقلها بالفصحى بالطبع ولم يكن يعني ذلك البعد الذي قد يتبادر للذهن، كل ما في الأمر أنه توقع أن بإمكان الناس التحول إلى مخلوقات أخرى حين يكبرون، وأني كنت أسأله ما نوع المخلوق الذي يريد أن يكونه حين يكبر. لكن مع هذا فقد أعجبتني الفكرة، لماذا لا يكون طموحي هو أن أبقى بشرا حتى نهاية المطاف. صحيح أن تحقيق هذا الحلم يحتاج إلى جهد أكبر من الجهد الذي كنت سأبذله لكي أصبح نجما كبيرا أو مسؤولا ثريا، لكن الذي يبعث الاطمئنان أني لم أبذل جهدا من قبل في سبيل تحقيق أي حلم، وهذا الحلم لن يكون استثناء. سأكتفي بالحلم فقط كما أفعل دائما.

وعلى أي حال..

الأحلام لا تموت بسبب تقدمها في السن، تموت في وقت مبكر، أحيانا بسبب التعنيف وسوء الرعاية، وأحيانا لأنها أكبر من أن تجد طريقا يتسع لها. وأحيانا لأنها أضعف من أن تقاوم شهوة الموت.

agrni@