عبدالغني القش

ضوابط للمناصب القيادية والحساسة!

الجمعة - 08 فبراير 2019

Fri - 08 Feb 2019

في عنوان رائع وعبر صفحتها الأولى، نشرت هذه الجريدة الغراء خبرا عنوانه «ضوابط خاصة لمرشحي المناصب القيادية والحساسة»، وفي ثنايا الخبر أن مكتب سياسات وأبحاث تنمية الموارد البشرية الذي بدأ العمل به مؤخرا بعد نشره في الجريدة الرسمية، عزز دور الموارد البشرية وتنميته، من خلال عمل الدراسات والبحوث الهادفة إلى تطوير الموارد البشرية وتنميتها بشكل عام، والبحث عن الكفايات المتميزة والقيادات الواعدة وإعدادها وتطويرها مهنيا بشكل خاص، وأوضح أن المكتب مصدر لإنتاج المعرفة ونشرها وصناعتها بما يدعم الإبداع والابتكار والتميز في منظومة العمل في الدولة، ويبني القدرات البشرية الواعدة من خلال مجموعة متكاملة من الخدمات التي يقدمها كخدمات دراسات وبحوث الموارد البشرية وخدمات البحث والتقويم والتدريب والتطوير والتعليم والخدمات الأخرى، مصحوبة بخدمات الدعم الفنية والاستشارية والإدارية.

وهذا في تصوري يعد أسا مهما في وضع الضوابط والأطر التي من خلالها يتم اختيار الشخص المناسب ووضعه في الموقع الوظيفي المناسب، وفق آليات ومواصفات وشروط محددة، وبها يتم التخلص من الوساطة المقيتة التي تعرف محليا بـ «الواسطة».

والحديث عنها الواسطة حديث مرير؛ فقد أبعد المستحقين وأحبطهم، وقرب غيرهم لا لسبب ولا لمؤهل، بل لوجود معرفة شخصية أو علاقة أسرية فحسب.

إن من الرائع أن يكون من أهداف مكتب سياسات وأبحاث تنمية الموارد البشرية تفعيل خطط الإحلال للمناصب القيادية والحساسة لدعم سرعة وجودة اتخاذ القرار، وتمكينها من خلال برامج تطوير مهنية مستمرة تتوافق مع توجهات واحتياجات الدولة من الكفايات والقيادات، إضافة إلى تحقيق مفهوم التعاقب والتدوير الوظيفي الفاعل في الأجهزة الحكومية؛ بما يخدم تطوير القيادات وتنويع خبراتهم وصقل مهاراتهم القيادية والتنفيذية. وأمر جد هام وهو تطوير وتأسيس قاعدة معلومات عن الكفايات والقيادات الوطنية في المجالات المختلفة، للاستفادة منها في تولي المناصب الاستراتيجية، والقيادية، والتنفيذية، المهمة في الدولة.

وفي رأيي أن هذا الحدث جاء في وقته؛ فالشباب ممن يمتلكون القدرات والمؤهلات بدأ الإحباط يسري في أرواحهم ويحط من طموحهم، ويوهن عزائمهم ويثبط هممهم، فلديهم تطلعات عريضة وسقف طموحاتهم أجزم أنه لا حد له، ومقبلون على الحياة بعد أن تسلحوا بالعلم والتدريب الكافيين، وخاضوا غمار التجربة بعد أن ذاق بعضهم مرارة الغربة، حيث تم ابتعاثه لسنوات، وعاد ليجد وضعا لا يتوافق ومع كان في مخيلته، ولا يتواكب مع ما حصله طوال تلك السنين!

إننا بحاجة لمراجعة الضوابط التي من خلالها يتم ترشيح الشخص لمنصب مهما كانت أهمية وحساسية ذلك الموقع؛ ليتبوأه من يملك المقومات، وتنطبق عليه المواصفات الوظيفية وليست الشخصية.

إن من المؤلم أنه لا زالت الإعلانات عن الوظائف تشترط سنوات الخبرة، وأسوأ من ذلك أنها مجرد تدوير (نقل خدمات)، مما يعني أن جيل الشباب المؤهل الجديد لن يجد له مكانا، وإن وجد فإن صاحب الخبرة الذي لا يملك مؤهلا سيكون رئيسه، مما يعني إحباطا نفسيا له.

الجميع يتمنى أن يأتي اليوم الذي تكون هناك شروط واضحة لأي منصب قيادي عموما، خاصة إذا كان حساسا، فأنت تطالع أمورا غريبة لا تستطيع برمجتها في عقلك؛ فهو يرفضها للوهلة الأولى، والدلائل أكثر من أن تحصر، ولذا تجد الأجواء في تلك الجهات غير صحية، فالأمور أوكلت لأناس بلا ضوابط ولا شروط، وربما كانوا غير مؤهلين أو مستحقين!

الأمل بعد الله معلق على هذه الضوابط التي يرجى نشرها وتطبيقها دون مواربة، بمعنى أن تكون في النظام بحيث إذا ما أرادت الأمور الشخصية أن تعمل فإن الرفض يكون من النظام، ولا يملك أي شخص التدخل أو التعديل أو الاستثناء، وحينها سنجد استقرارا وظيفيا وارتياحا نفسيا لدى كل الموظفين، فهل يتحقق الأمل؟

[email protected]