عبدالله الأعرج

وزارة التعليم.. لكيلا ينفد الوقود!

الاحد - 27 يناير 2019

Sun - 27 Jan 2019

شهدت الأسابيع الماضية حراكا تعليميا تربويا قياديا نوعيا لا يكاد يخبو نوره حتى ينبعث من جديد.

لقاءات للوزير مع القيادات العليا، ورش عمل مع القيادات المتوسطة، وأحاديث حول آلام التعليم قبل آماله تستطيل في كل جانب. جميل هذا الحراك، بل رائعة هذه الانطلاقة المجسدة لمفهوم أصيل من مفاهيم القيادة التحولية، وهو المشورة مع فريق العمل طلبا للتغيير نحو الأفضل والأجمل.

في ظل كل هذا الحراك الملتهب طلبا لتحسين ركن التنمية الأول وهو العقل البشري، يبقى من المهم جدا ملاحظة جملة من الأمور التي يجب ألا تختفي عن الساعات الأولى للمشهد التجديدي لوزارة التعليم، وألا تضيع في زحمة البحث عن مكاسب سريعة ربما ترى الوزارة إمكانية الوصول إليها من خلال جلوس القيادات التعليمية والتدريبية جنبا إلى جنب مع قيادات الوزارة.

هذه الأمور التي لا أرى بدا من إشراكها فورا تشمل ما يلي:

1 إشراك المعلمين

والمدربين وأساتذة الجامعات - ممن يقومون بوظائف التعليم والتدريب الميداني - في ورش العمل وجلسات الملتقيات مع معالي الوزير، وعدم اعتبار مشاركة قيادات التعليم والتدريب تمثيلا كافيا يغني عن مشاركتهم، ولا سيما أن للميدان فرسانا خبروا من المنعطفات والتحديات والحلول ما يعد كنزا يثري قطاع التعليم والتدريب، ويحقق قيما مضافة للتطوير المنشود.

2 بما أن حضور كل المعلمين وكل المدربين وجميع أساتذة الجامعات وجلوسهم في مكان واحد يعد ضربا من المستحيل، فلا أقل من انتقاء ممثلين عنهم في لقاء مع معالي الوزير وقيادات التعليم، على أن ترسل نماذج الاقتراحات وأفكار التطوير - الكترونيا - إلى الإدارات التي يتبع لها من تبقى في الميدان، لتقوم بعدها إدارات التعليم والتدريب والجامعات لكل منطقة بجمعها وفرزها وتلخيصها والرفع بملخصها للوزارة.

3 هنالك نماذج تعليمية وتدريبية ميدانية موهوبة حققت من الإنجازات المحلية والعالمية الكثير، وأضافت من التميز لقطاعي التدريب والتعليم المثير تأليفا للمناهج، وسنا للوائح، وأفكارا لحجر الدراسة وقاعات المحاضرات وورش ومعامل التدريب، وحصدا لبراءات الاختراع. هذه الفئة كنز ثمين ومكسب مبهج يجب ألا يغيب عن المشهد الأول لحراك وزارة التعليم الذي يرنو لدخول الثورة الصناعية الرابعة من خلال هؤلاء العباقرة والخلاقين.

4 للمرأة في قطاع التعليم والتدريب أيضا مطالب تشارك فيها أشقاءها الرجال، وتنفرد أحيانا بمطالب تمكينية كفلتها لها الدولة أعزها الله. لهذا إن وجود ورش حول المطالب التعليمية والتدريبية للمرأة تتسم بجرأة الطرح ووضوح المطالب وعقلانية التوجه أمر يجب ألا يغيب عن المشهد الاستهلالي لوزارة التعليم.

5 وماذا عمن اجتمعنا كلنا من أجله، ألا وهو الشريك الأول والأخير (الطالب والمتدرب)؟ ألسنا جميعا هنا طمعا في خدمته وأملا في الرفع من كفاءته؟ ألا يجب أن نحجز له في هذا الاستهلال - من العيار الثقيل - مكانا؟ نريد أن نسمع منه: كيف يشعر اليوم؟ ماذا يريد غدا؟ أي شيء يشعره بالقلق حيال مستقبله التعليمي والتدريبي؟ لماذا يهرب من المدرسة؟ ولماذا ينقطع أحيانا عن الكلية والجامعة؟ نريد أن نفهم أيضا من شريكنا العزيز ما يحبه من معلمه وأستاذه ومدربه وما يكرهه منهم؟ نتمنى أيضا أن يخبرنا شريكنا: هل انعكس التعليم والتدريب عليه إيجابا أم سلبا حينما سلمناه وثيقة تخرجه؟ ولماذا في كلا الحالتين؟

6 وماذا عن الحضن الدافئ والملاذ الأول: الأسرة التي أرسلت بناتها وأولادها إلينا لنراهم أكثر مما تراهم، ونتحدث معهم أضعاف ما تتحدث إليهم؟ ألا يجدر بنا أن ندعوها إلى هذه الانطلاقة الأولية لتخبرنا عما لم يخبرنا طلابنا ومتدربونا به! لتفصح لنا أيضا عما يقلقها في المدرسة وما يبهجها؟ بل ولنستنير بخبراتها حول فنون التربية لأبنائها، خاصة أننا نعلم أن وزارتنا معنية بالدرجة الأولى بالتعليم؟

مجمل القول: إننا مبتهجون بهذه البداية التي تصاعدت ألسنة لهبها حسنا وجمالا، فأدفات من حولها وأنارت المكان. ولأننا نعي تماما أن اللهب سيخبو حينما ينقص الوقود فإننا بحاجة لإشراك كل من ذكرت أعلاه في هذه الإلياذة غير المسبوقة، لخير الأبناء والأسر والمجتمع، لخير الوطن ونماء السعودية، لمستقبل نبنيه بأيدينا جميعا، متيقنين أننا سنصفق بالأيدي نفسها يوم الحصاد. والسلام.

dralaaraj@