عبدالله المزهر

متلازمة أبي حسين البرلماني...!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الخميس - 17 يناير 2019

Thu - 17 Jan 2019

وأبو حسين هذا أيها السيدات والسادة هو برلماني عربي، ربما كثير منكم شاهد مقطعا مصورا له وهو يتحدث تحت القبة البرلمانية عن النظام ووجوب احترام الأعضاء لبعضهم البعض وتقبل الآراء وتفهم الاختلاف، قبل أن ينفجر بعد هذه المقدمة في وجه عضو آخر بسيل من الشتائم ثم ينطلق برشاقة لا تتماشى مع مؤهلاته الجسدية تجاه العضو الآخر في محاولة تستحق الإعجاب لتطوير الاعتداء من لفظي إلى جسدي.

كان المنظر مضحكا، ولا أشك أنكم جميعا ـ أو كثير منكم ـ قد ابتسمتم ورأيتم تصرفه غريبا وعجيبا، وقلتم عنه إنه يقول ما لا يفعل، وإن تصرفه كان مثالا على فكرة «الواقع والمأمول» التي تكتب في أسماء المؤتمرات العبثية التي لا فائدة ترجى منها ولا من توصياتها.

الجانب الخفي ـ أيها الناس ـ من هذه القصة والذي لم ننتبه له، أو بمعنى أدق تجاهلناه وكأننا لا نعرفه، هو أننا لا نختلف كثيرا عن أبي حسين، غفر الله لنا وله. ربما كان الفارق الذي جعل قصته أكثر طرافة من قصصنا هو الفارق الزمني والمكاني بين تحولاته واختلاف نظرياته عن تطبيقاته، لكننا في الغالب نمارس ذات التصرف بمساحات زمنية أكبر وفي أماكن مختلفة.

نقول في وسائل التواصل وفي الإعلام نظريات لا علاقة لها بالتطبيق في حياتنا الواقعية، ونتبنى مواقف وندعمها علنا ونشتمها سرا، نحذر أبناءنا من تصرفات نقوم بها يوميا.

وهذه ليست ممارسة فردية، فالحكومات أيضا بارعة في هذا الفن العريق، ودول كبرى تمارس هذه العادة الحميدة، فتنادي بحرية الشعوب وحقها في التعبير، ولكنها تمسح دولا من الوجود إن هي عارضت توجهاتها. في المنظمات والأحزاب السياسية في العالم العربي ـ والعوالم المشابهة ـ يكاد

يكون الجميع مصابا بما يمكن أن يسمى» متلازمة أبي حسين «، فالحزب شعاره الحرية والتعددية وتداول السلطة ـ بضم السين ـ، لكن رئيس الحزب أو الجماعة لا تطاله هذه المطالبات ولا تمس منصبه الذي تولاه منذ بداية تشكل كوكب الأرض ولا يغادره إلا بتدخل ملك الموت.

وعلى أي حال..

يقول أحمد مطر:

«قال لزوجه: اسكتي، وقال لابنه: انكتم

صوتكما يجعلني مشوش التفكير

لا تنبسا بكلمة، أريد أن أكتب عن حرية التعبير!»

والحقيقة أن هذا حوار شبه يومي في منزلي، ولذلك شعرت بالإحراج قليلا وأنا أضحك من ذلك البرلماني الجامح وهو يوجه الشتائم لخصومه بعد انتهائه من موعظته عن الاحترام مباشرة.

agrni@