عبدالله المزهر

الحل السماوي..!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الثلاثاء - 15 يناير 2019

Tue - 15 Jan 2019

لم أفكر في الهجرة يوما ما، أنا كسول بما يكفي لاعتبار الذهاب إلى البقالة عملا أرعن وغير مبرر ولا محسوب العواقب، لكن الناس يتغيرون، وأنا واحد من الناس وأريد أن أتغير وأنفض عني غبار الكسل، والهجرة هذه الأيام أصبحت شيئا يبدو أنه لا مفر منه، ولا أريد أن يهاجر الناس وأبقى وحيدا لا أجد حتى من أشتكي له من وجع الوحدة وأبث له لواعج شوقي وحنيني لجلساء السوء.

في ذات الوقت لا أجد أسبابا خاصة تدفعني إلى استخدام جواز سفري الذي نسيت شكله، فكرت في استفزاز زوجتي ـ بشكل طفيف ـ لعلها تعنفني ثم أهرب وتستقبلني وزيرة الخارجية الكندية في المطار. فأنا لا أريد الهجرة المتعبة، أريد هجرة رومانسية. وحريص ـ لأسباب غير

مفهومة ـ على أن أنتهي من هذا الموضوع قبل أن تتغير وزيرة الخارجية وأفاجأ حين وصولي إلى كندا أن وزير الخارجية أصبح رجلا. وهذا أمر متوقع بالطبع في هذا العالم الذكوري الممعن في القسوة والألم وإيذاء مشاعر المرهفين أمثالي.

ابتسم لي الحظ أخيرا ووجدت سببا مقنعا للهجرة أقل ضررا من مخاطر خطتي القديمة التي تعتمد على استفزاز زوجتي ـ حفظها الله، فقد قرأت أن ناسا تحذر العالم من كويكب قد يصطدم بالأرض ويسبب ضررا يعادل ضرر 80 ألف قنبلة نووية.

صحيح أن الهجرة هذه المرة ستكون من الأرض نفسها، ولكن لا زال أمامي وقت للتخطيط، فناسا تقول إن هذا الجرم السماوي المدمر سيصطدم بالأرض عام 2199، وهذا يعني أنه تبقى أمامي 180 عاما وهي مدة تبدو كافية لإعداد خطة هروب محكمة لا يمكن إحباطها.

وأتأمل أن يأتي ذلك اليوم وقد تم اكتشاف كوكب كندي يسبح في هذا الكون الفسيح ولن أعجز في اختراع حجة دامغة تقنع وزيرة خارجية ذلك الكوكب بأن تستقبلني على حدود الغلاف الجوي لكوكبها. ربما سأقول لها بأن زوجتي ـ وفقها الله ـ قامت بتعنيف الجرم السماوي الذي ضرب الأرض.

وأنا واثق أن هنالك من الجهلة والدهماء من سيسخر من مخططي ويقول بأنه لا علاقة لي بما سيحدث بعد 180 سنة، وهذا كلام لا يقوله إلا جاهل يتوهم أنه يفهم في الأفلاك والأيام أكثر من ناسا، لو لم يكن لنا علاقة بما يحدث ذلك اليوم فلماذا «تحذرنا» ناسا؟! كانت ستكتفي بإخبارنا فقط، فلا مبرر لتحذيرنا مما لا علاقة لنا به ولن يمسنا بسوء.

وعلى أي حال..

وبعيدا عن مخططاتي، فلعل ذلك الجرم السماوي يغير حجوزاته ويبحث عن رحلة أقرب إلى كوكب الأرض، إنها بحاجته الآن أكثر من أي وقت مضى، وأظنه الحل المنتظر لكثير من المشكلات التي بدت مستعصية الحل.

agrni@