سعد السبيعي

كيف نصل إلى «صنع في السعودية»؟

الاحد - 13 يناير 2019

Sun - 13 Jan 2019

رؤية المملكة 2030 تولي اهتماما كبيرا بالصناعة الوطنية وتدعم القطاعات الواعدة وتسعى لإنجاحها لتكون دعامة جديدة لاقتصادنا الوطني، ففي قطاع التصنيع تعمل المملكة على توطين قطاعات الطاقة المتجددة والمعدات الصناعية، حيث إن من التزامات الرؤية توطين الصناعات العسكرية، والأثر الإيجابي لتوطينها لا يقتصر على توفير جزء من الإنفاق العسكري فحسب، بل يتعداه إلى إيجاد أنشطة صناعية وخدمات مساندة كالمعدات الصناعية والاتصالات وتقنية المعلومات، مما يسهم في خلق فرص عمل نوعية في الاقتصاد الوطني، إذ وطننا من أكثر الدول إنفاقا في المجال العسكري.

وبالفعل بدأت المملكة تطوير بعض الصناعات الأقل تعقيدا من قطع غيار ومدرعات وذخائر، وتواصل هذا المسار إلى أن تصل بإذن الله إلى توطين معظمها، وتتوسع دائرة الصناعات الوطنية لتشمل الصناعات الأكثر تعقيدا مثل صناعة الطيران العسكري، وبناء منظومة متكاملة من الخدمات والصناعات المساندة، بما يسهم في تحسين مستوى الاكتفاء الذاتي ويعزز من تصدير المنتجات العسكرية لدول المنطقة وغيرها من الدول. وتعمل القيادة الرشيدة على تحقيق ذلك من خلال استثمارات مباشرة وشراكات استراتيجية مع الشركات الرائدة في هذا القطاع، بهدف نقل المعرفة والتقنية وتوطين الخبرات في مجالات التصنيع والصيانة والبحث والتطوير، كما تقيم مجمعات صناعية متخصصة ومتكاملة تضم الأنشطة الرئيسة في هذا المجال، إضافة إلى تدريب المواطنين وتأهيلهم للعمل في هذه الصناعات.

وهنا يبرز السؤال الذي نحن بصدده: كيف نصل إلى «صنع في السعودية»؟

إن القطاع الصناعي من أهم روافد اقتصاد المملكة، وتجلى ذلك في الرؤية المباركة التي أوضحت الدعم الذي سيلقاه هذا القطاع ليكون لاعبا أساسيا في صناعة المستقبل، حيث سيظل القطاع الصناعي على درجة كبيرة من الأهمية كونه يلعب دورا رئيسا وفاعلا في عملية التوازن الاقتصادي لبلدنا، وليس ممكنا للقطاع الصناعي السعودي أن ينتعش ويرتقي ويستعيد قوته دون الوقوف معه ومساندته، بعيدا عن البيروقراطية وإشكالاتها الكبيرة، وقد بدأت بالفعل المملكة في الصناعات الثقيلة ورأينا أن الاتجاه حاليا إلى تجميع المعدات داخل المملكة وبأيد وطنية، وهذه خطوات محمودة وذات أهمية كبرى، وإذا نظرنا حولنا نجد أن معظم النمور الآسيوية بدأت بهذه الكيفية، ولكن بعد فترة بدأت في تصنيع الأجهزة ومكوناتها، فكيف نصل لهذه المرحلة؟

أعتقد أننا يمكن أن نتخذ من اليابان مثالا يحتذى به، فبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وتدمير اليابان تماما بدأت الحكومة اليابانية تأسيس الدولة من الحضيض، وبدأت التفكير في كيفية إنشاء صناعة وطنية، ولكن كيف؟ فلا توجد مصادر للدخل ولا اقتصاد يرتكز عليه، فكان الاقتراح أن يجري إرسال شباب يابانيين للولايات المتحدة وأوروبا للعمل في المصانع هناك لكسب الخبرة في كيفية التصنيع، وبعد مدة من الزمن عاد هؤلاء الشباب وجرى تأسيس المصانع التي تنتج الصناعات اليابانية التي لم تكن بالجودة المطلوبة في البداية، ولكن ساند الشعب

والحكومة هذه الصناعات والآن هي إحدى الدول الصناعية الكبرى في العالم.

وعليه فإنني أقترح إرسال شباب سعوديين للعمل في المصانع الأمريكية والأوروبية لاكتساب الخبرات اللازمة لإقامة صناعات وطنية تحقق عبارة «صنع في السعودية»، وهنا أشدد على العمل وليس التدريب، بمعنى أن يعيش الشاب في أجواء العمل بكل ما فيه ويتعلم ليعود للوطن ليعلم غيره ويبني مصانع جديدة تعمل على بناء اقتصاد وطني قوي. والله الموفق.