فهيد العديم

جامعة حفر الباطن.. ما بعد الحلم!

الأربعاء - 02 يناير 2019

Wed - 02 Jan 2019

استمر الحلم بوجود جامعة بحفر الباطن لعقود حتى تحقق، لكنه في الواقع بدا أقل مما هو متوقع، وذلك أمر طبيعي - متى ما تخلينا عن العاطفة - في أي مشروع، فالفرق بين الفكرة وتنفيذها أمر وارد ومحتمل، فالجامعة في سنواتها الأولى لم تراع كونها جامعة ناشئة يجب أن تقيس خطواتها جيدا، فحاول مسيروها أن تنطلق بسرعة وتحرق المراحل، وفعلا انطلقت لكن بتهور وسرعة غير محمودة حتى كادت تفقد الاتجاه. وأخطر الخطوات أن تكون منطلقا بسرعة في الاتجاه الخاطئ، لأن ذلك سيكلفك العودة من جديد للنقطة التي انطلقت منها.

لكن بعد رحلة الجامعة مع خطواتها المتعثرة الأولى جاء الدكتور محمد عبدالله آل ناجي الرجل الأكاديمي والإداري أيضا، فهو المشتغل من قبل - عدا وظائفه الأكاديمية - في عدد من المناصب القريبة من حياة الناس واهتماماتهم، سواء من خلال عضويته في المجلس البلدي الذي قربه من الأشياء التي تهم رجل الشارع البسيط، أو رئاسته عددا من اللجان في مجلس الشورى، كل ذلك جعله أقرب للناس، إضافة إلى خبرته الأكاديمية العريضة، فالجامعة قبل مجيئه كانت تعمل دون أن تراعي رغبات واهتمامات وتوجه المجتمع من حولها، وهذا ما جعل هنالك جفوة تصل في بعض الأحيان إلى الاحتقان من قبل المجتمع تجاه الجامعة، وكانت الجامعة بدورها تتجاهل صوت المجتمع، وكأنها في واد سحيق بعيدة عن الناس.

ولأن بناء سمعة جديدة أسهل بكثير من ترميم سمعة جهة فقدت ثقة الناس بها، كان الدكتور آل ناجي أمام تركة وتراكمات ثقيلة تحتاج وقتا طويلا لكسب ثقة الناس التي لا يمكن لأي جهة أن تعمل دونها، فأصبحنا نرى أولى خطوات الإصلاح متمثلة في سماع صوت الناس ورغبتهم المتمثلة في زيادة عمل التخصصات، والابتعاد عن فرض رأي المسؤول مهما كانت وجاهته، فلا يمكن بأي حال من الأحوال أن تقنع شريحة من المجتمع بالقيام بعمل لا يميلون إليه بدعوى أن ذلك لمصلحتهم، مثلما أنا مقتنع أن محاولة بعض الجهات التعليمية تفصيل مخرجاتها لتتناسب مع سوق العمل هو أمر - وإن بدا منطقيا من للوهلة الأولى - مضر بالعملية التعليمية ويخرجها إلى إطار آخر، فحصول المتخرج على وظيفة ليس من أدوار وزارة التعليم.

وبصيغة أخرى: دور التعليم أن يعلمك كيف تختار الطريق المناسب، لكن ليس دوره أن يرسم لك الجهات والاتجاهات الصحيحة، يجب عليك أنت كمتعلم أن تختار (الصحيح) الذي قد يراه غيرك (خاطئا)، وهذا ما جعل الجامعة في بدايتها تتعامل بتعال مع الشريحة التي تقدم لهم خدماتها، أو هكذا شعروا هم، مما صنع حالة من الجفاء بين الطرفين، إضافة إلى أن دور الجامعة ليس فقط تعليميا، فالمجتمع يريد من الجامعة ما هو أكثر من ذلك، ولا شك أن عميدها الحالي أدرك ذلك فرأينا كثيرا من الفعالية الثقافية والأدبية التي تشكل حلقة وصل بين الجامعة والمجتمع، وما زال المجتمع ينتظر الكثير، فالعملية بين المجتمع وبين الجامعة (بصفتها الصرح التعليمي والثقافي الأهم في المحافظة) هي عملية تكاملية وسيضيف كل منهما للآخر.

Fheedal3deem@