محمد العـوفي

لماذا يفشل الموظفون بعد ترقيتهم لمناصب أعلى؟

الاثنين - 31 ديسمبر 2018

Mon - 31 Dec 2018

وضع أستاذ الإدارة الكندي «لورانس بيتر» عام 1968 مبدأ سمي باسمه «Peter Principle»، حاول فيه تفسير فشل كثير من الموظفين بعد ترقيتهم إلى مناصب عليا، فكرة هذا المبدأ تتمحور حول أن الموظف ستتم ترقيته على وظيفة أعلى من وظيفته الحالية بناء على أدائه ونجاحاته في وظيفته الحالية، بغض النظر عما إذا كان يملك المهارات اللازمة للقيام بمهام الوظيفة الجديدة أم لا.

وفقا لهذا المبدأ فإن أداء الموظف وجدارته وكفاءته في وظيفته الحالية ستحدد مسار ترقيته إلى وظائف أعلى، حتى وإن كان لا تتوفر فيه المهارات اللازمة للقيام بهذه الوظائف، أو في حالات أخرى قد يجري نقل الموظف وتحريكه من وظيفته الحالية إلى وظيفة أخرى في المستوى نفسه على أمل أن يسهم في زيادة فعالية قسم ما أو إدارة ما أو جهة ما أو حتى وزارة ما، وكلتا الحالتين ممارسات نشاهدها ونعيشها في كثير من المنظمات الحكومية وشبه الحكومية.

طبعا الأنظمة لدينا تشجع على انتهاج هذا المبدأ، فالترقيات تجري وفق التسلسل الإداري، والموظف ستتم ترقيته وفقا لهذا التسلسل في المنظمات، سواء أكانت حكومية أو خاصة، حتى يصل إلى وظيفة أو منصب سيجد نفسه عديم الكفاءة فيه، ولن يقدم شيئا يذكر في وظيفته الحالية، والسبب في هذا الفشل يعود إلى أن هذه الوظيفة أو المنصب المرقى إليه يكون فوق مستوى قدراته، ونتيجة لذلك سيحول من موظف كفء وفعال إلى العكس تماما، ويعتاد على أداء عمله بغير إتقان، مما يؤدي إلى تآكل الكفاءة.

خلاصة ما ذكره بيتر في مبدئه أن نجاح شخص في مكان ما لا يعني بالضرورة نجاحه في مناصب أخرى، وأن الرهان على نجاح شخص معين تمت ترقيته إلى منصب أعلى ولا يملك المهارات والقدرات المطلوبة لهذا المنصب رهان خاسر، وسيأتي الوقت الذي سيكون فيه كل منصب وظيفي مشغولا بأحد الموظفين الذين لا تتوفر لديهم الكفاءة لتنفيذ الواجبات اللازمة لهذا المنصب، وبالتالي فإن المنطق يفرض السؤال التالي: كم موظف لدينا، سواء في المناصب القيادية الحكومية أو شبه الحكومية أو الخاصة، ينطبق عليها مبدأ بيتر؟

على أي حال، المسؤولية الكبرى في منع أو الحد من حدوث «مبدأ بيتر» تقع على إدارة الموارد البشرية لأنها معنية بالوصف الوظيفي، وتحديد ما هو المطلوب من المعارف والمهارات والسلوكيات لكل نوع من الأفراد الذين سيشغلون مناصب قيادية أو تخصصية، علاوة على قدرتها على ربط ثقافة المؤسسة مع القدرات المتطورة والمطلوبة لنجاح عمل المؤسسة، واتباعها هذه المنهجية سيسهم في منع الأشخاص الذين لا يمتلكون السلوكيات والمواهب المتوازنة من الوصول إلى مواقع أعلى في السلم الوظيفي.

mohdalofi@