علي الغامدي

وفرة المعلومات والتنبؤات الخاطئة

الخميس - 27 ديسمبر 2018

Thu - 27 Dec 2018

لو طلبت منك مساعدتي في تحليل سيناريو معين وبناء توقعات اعتمادا على المعلومات التي نملكها، مثلا: هناك فتاتان إحداهما تعرضت للتحرش، ونريد معرفة أيهما ترجح أن تكون الضحية، ولنرمز لهما بالفتاة رقم 1 والفتاة رقم 2، فمن تعتقد أنها الضحية؟ في ظل عدم وجود أي معلومات عنهما من الطبيعي أنك ستعطي كل واحدة احتمالا بنسبة 50% لعدم توفر معلومات كافية. حسنا، راقب كيف ستتغير هذه النسبة وتبدأ بالميل لترجيح إحداهما على الأخرى كلما زادت المعلومات لديك.

فلو قلنا إن الأولى شابة في بداية العشرينات من عمرها والثانية تكبرها بعشرين عاما، هل تغيرت النسبة؟ حسنا، خذ المعلومات التالية: الأولى تعمل في مستشفى والأخرى لا تعمل، الأولى جميلة والأخرى ليست كذلك. ألا تلاحظ أن النسبة بدأت ترجح للأولى بنسبة عالية؟ ماذا لو قلت لك إن التي تعرضت للتحرش هي الثانية؟ ستصاب بالصدمة بكل تأكيد!

رغم أن جميع المعلومات التي حصلت عليها صحيحة إلا أنها تعد معلومات مضللة، وهي المعلومات التي أريدك أن تعرفها لتحيد عن الإجابة الصحيحة، فأظهرت لك جزءا من الحقيقة فقط، بينما أخفيت عنك الجزء الأهم، وهو أن الأولى تسكن في حي آمن وتعمل في مستشفى راق في مكان معزول إلى نهاية الدوام دون الاحتكاك بالآخرين، بينما تسكن الثانية في حي نسبة الأمان فيه منخفضة جدا ومعدل الجريمة مرتفع، وتسكن بمفردها وتسير لمسافة طويلة يوميا معرضة نفسها للخطر.

هذا ما يحدث تماما لتنبؤاتنا عند محاولة تحليل الأحداث المحيطة، فأنت لا تعرف إلا جزءا بسيطا جدا من المعلومات مهما حاولت الإلمام بأي قضية، وقد تكون هذه المعلومات هي الجزء المضلل من القصة حتى وإن كانت صحيحة.

وقد حلل الباحث فيليب تيلتوك في دراسة استغرقت 20 عاما دقة التكهنات حول المستقبل بعد دراسته لأكثر من 82,000 تنبؤ سياسي واقتصادي لخبراء في قنوات عالمية معروفة حول أحداث مهمة، فوجد أن نتائج تنبؤاتهم لم تحقق إلا نحو 33% مما حدث فعلا، والنسبة الأعظم هي تنبؤات خاطئة. ورغم أنهم خبراء إلا أن نسبة الخطأ قاربت الـ 70% من تنبؤاتهم، وذلك لوفرة التفاصيل والمعلومات المضللة، وغموض كثير من المعلومات المهمة.

أثناء سيرك في الشارع أو تواجدك في المنزل يطلق عقلك آلاف التنبؤات لا شعوريا، والخبر السيئ أن كثيرا منها خاطئة. لا تتسرع في إطلاق الأحكام ولا تشغل نفسك بتنبؤات المستقبل ولا تسلم عقلك لأي محلل مهما كان، فلا أحد يعلم الحقيقة حتى تحدث.

  1. كيف تتأثر دقة تنبؤاتنا بالمعلومات المتوفرة؟

  2. هل تساعدنا المعلومات الصحيحة في الإصابة أم تضللنا؟

  3. ما دقة التحليلات التي يقدمها الخبراء؟


AliGhamdi2@