عبدالله المزهر

إمعية جاهل أواب..!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الثلاثاء - 11 ديسمبر 2018

Tue - 11 Dec 2018

كنت أود التمني علنا بأني إنسان طبيعي وأعيش حياة طبيعية، لكن ما يمنعني من ذلك حتى هذه اللحظة هو أني مقتنع أني كذلك، وأن الأمر يحتاج إلى الحمد والشكر أكثر من الحاجة للأمنيات. لكني مع ذلك رجل أحب مسايرة الأحداث وفعل ما يفعله الناس، لدي رغبة في تجربة الحياة «الإمعية».

قرأت بضع تغريدات في الأيام الماضية عن العازفين المتسولين في أحد شوارع جدة، كانت فكرة تلك التغريدات ببساطة أن هذا مؤشر إلى أننا «أصبحنا طبيعيين» ونطارد العالم الأول لكي نلحق به ونصبح نحن العالم الأول ويعود هو إلى الصفوف الخلفية كعالم غير طبيعي.

وأحاديث تويتر لا يعول عليها كثيرا، فكل إنسان لديه حساب ويستطيع أن يقول ما يريد وأن يبدي رأيه في كل شيء ـ كما أفعل، لكن حين تنتقل هذه النظرة المتفائلة بدخول العالم الأول من باب التسول إلى الصحف التي يفترض فيها أن تكون أكثر رزانة من المغردين فإنه يصبح من الواضح أني بالفعل غائب عن هذا العالم ولا أعلم كيف أصبحت تحدث الأمور، ومن المؤكد أن جهلي هو سبب عدم فهمي لدور التسول العظيم في اللحاق بركب الأمم المتقدمة.

كنت أظن قبل أن أكتشف وهم ظنوني أن ذلك العالم المتقدم يسبقنا بأشياء أخرى غير الفن والموسيقى والغناء، لأني مقتنع ـ هداني الله ـ بأن موسيقانا وفنوننا الغنائية هي الأعظم في العالم، وبأن أسباب تقدمهم ليست في أنهم يغنون في الطرقات ويتسولون بطرق مختلفة.

وكنت ـ سامحني الله ـ أعتقد أن المتسولة التي تستأجر طفلا لتحمله عند الإشارة المرورية لا تختلف عن متسول يحمل أداة موسيقية، وأن لون البشرة والجنسية ليسا أشياء يعتد بها عند قياس الأمور.

وكنت لفرط جهلي أظن أن احترام الإنسان وأنه كائن من حقه أن يتكلم ويعبر عن آرائه التي لا تؤذي أحدا دون خوف من الأذى هي أولى مراحل تشكل الأمم الطبيعية. وأن ما يحمله الإنسان من فكر في عقله يساعد الأمم والدول في السير إلى الأمام أكثر مما سيفعله إن كان كل ما يقدمه شيلات وأناشيد وصورا، وكنت أحلم بالفعل أن نلحق بمن سبقنا فيما ينقصنا حقا وصدقا وجوهرا، لأني كنت أعتقد أن التشابه في المظهر قد لا يعني سوى التزييف والخداع. لكني جاهل ـ كما تعلمون ـ ولحسن حظي أني جاهل أواب، أعود عن غيي سريعا وأكتشف أخطائي وأحاول تلافيها في قادم الأيام.

وعلى أي حال..

ربما لو كان العزف جيدا لتغاضيت عن الأمر ـ ليس كثيرا ـ لأني في جميع المراحل ـ أعني حينما كنت جاهلا وبعد أن أنيرت بصيرتي ـ كنت أحب الموسيقى وأجدها شيئا عظيما، فاسألوا الله لي الثبات. وأكره التسول وأجده شيئا مقيتا، فاسألوا الله لي الهداية.

agrni@