محمد حطحوط

تحدي التابو: الترويج لمنتجات محظورة دينيا أو ثقافيا!

السبت - 08 ديسمبر 2018

Sat - 08 Dec 2018

في الهند عام 2001 واجه المطعم الشهير ماكدونالدز قضية رأي عام كادت تعصف بمبيعات العملاق الأمريكي هناك؛ خرجت إشاعة أن الزيت المستخدم لقلي البطاطا في ماكدونالدز زيت بقري! وسبب الهجمة أن المجتمع الهندي كما هو معروف يقدس البقر لاعتقاده أنها تمثل أرواح الآباء والأجداد بعد الموت، وهناك روايات تشير إلى أن سر التقديس يعود إلى أهمية البقر في حياة الهندوس وأنها مصدر الحياة، في الأكل والزراعة، واكتسبت قداسة مع الزمن. هذه القداسة تحولت لثقافة، والثقافة تطورت لتدخل ضمن دين الهندوس بعدم أكل أي شيء من البقر، من اللحم أو حتى الدهون. في غالب الولايات الهندية هناك قانون رسمي يمنع أكل اللحم البقري أو حتى اقتناءه، كتف عجل من المسلخ يعد جريمة يعاقب عليها القانون. وفي كل ثقافة حول العالم أمثلة مقبولة لدى فئة ومستنكرة لدى فئة أخرى، بما فيها ثقافتنا العربية والإسلامية، ومن الخطأ أن يكون هناك ثقافة - كما تفعل الثقافة الأمريكية بحكم هيمنتها - هي التي تحدد المقبول من غيره. يجب احترام اختلاف الثقافات وتعدد الأديان وبث روح التسامح وتفهم الآخر بكل تفاصيله. لحم الخنزير الذي لا يطاق في الرياض يعد وجبة لذيذة في سنغافورة! ولحم الإبل الذي لا يطاق في سنغافورة ينفد سريعا في الرياض! والأمثلة لا تنتهي، ففي كل دولة في العالم قوانين غريبة - يمنع أكل العلكة في سنغافورة على ذكرها - وشطحات ثقافية أكثر غرابة، يجب على المسوق - وهنا مربط الفرس - أن يتعامل معها! مطعم ماكدونالدز اضطر لتغيير أهم وجبة لديه عالميا (البق ماك) لتصبح في الهند فقط (ماهراجا ماك) ويستخدم الدجاج كبديل. والأمر نفسه ينطبق على باقي الشركات الكبيرة في الهند مثل بيتزاهت ودومينوز وغيرهما.

الواقي الذكري مثال آخر على منتج حوله لغط كبير حول العالم، حيث يرى الطبيب أهميته من زاويته وتقليل انتشار الأمراض، بينما يراه الشيخ والقسيس تسهيلا لقبول فكرة محرمة مثل الزنا في أديان مثل الإسلام والمسيحية! ولهذا يؤكد لوي قانيول مدير التسويق لشركة تنتج الواقي الذكري في جنوب أفريقيا صعوبة المهمة، وهي من أعلى الدول بالعالم في نسبة الإيدز، وكيف احتال بإقناع جهة خيرية بتبني الحملة التي دعمها بالكامل، خوفا من ردة فعل الناس!

في نيوزيلندا هذه الأيام هناك حملة تسويقية سببت لغطا دوليا وغطتها القارديان: نيوزلندا تعاني من سرطان الأعضاء التناسلية للرجال من عمر 15-35! المعاناة وصلت لمرحلة أن سرطان الأعضاء التناسلية - سرطان الخصية علميا testicular cancer - للرجل أصبح السرطان الأكثر انتشارا، مع أن الكشف المبكر له يسهل معدل الشفاء بنسبة 95%! الإشكالية هي الحرج لدى كثير من الرجال من لحظة التعري أمام مخلوق آخر. تخيل أن تكون شركة تسويق ويطلب منك حل لمشكلة حساسة مجتمعيا، وفي الوقت نفسه يموت من أجلها العشرات سنويا! قامت الحملة بفكرة إبداعية وذلك بصناعة كشك صغير لإضفاء الخصوصية على الرجل، حيث يقوم الدكتور المختص بالكشف دون الحاجة للالتقاء الأعين الذي يسبب كثيرا من الحرج للطرفين! تم تعميم الفكرة على مستوى الدولة، ولاقت رواجا عالميا!

الخلاصة: لا حياء في تعلم الدين، كل مشكلة تسويقية تواجهها تذكر أن لها حلا!

mhathut@