زهير ياسين آل طه

سياسة سلم القرود من الفساد المردود

السبت - 08 ديسمبر 2018

Sat - 08 Dec 2018

قد يعتقد البعض أننا نطرح غموضا في بعض الأسماء البعيدة عن الواقع، خاصة في العناوين أو في المتن الداخلي للمقال أو أنها استعارات مكنية أو ما شابه، لكن في حقيقة الأمر ما يتم تداوله في قطاع الأعمال الصناعية خصوصا ومن أجل التنبيه، يحظى بالمسميات الغربية التي لو تمت ترجمتها على حالها لأخذت طابعا غريبا نوعا ما أو قريبا من الاستعارة، مما يعطي السياق لدى البعض نوعا من التشويق والخوض في العمق أو العكس بحسب الذوق الفني والاستيعابي والبيئة التي يعمل فيها القارئ، والتي توجه هذا الذوق نحو الصعود أو الهبوط، وهو أمر طبيعي ولا ضير فيه من ناحية البعد النهائي لإيصال الفكرة بسلاسة ودون غموض، أو إخراج الغموض من محتواه رويدا رويدا.

الدخول في عالم الصناعة أمر جدير بالاهتمام لما تحويه معطياته ومخرجاته من تأثير جذري على اقتصاديات دول العالم وعلى نماء وإبداعات واستدامة القطاعات التي يتم الخوض فيها، والتي تنعكس إيجابا أو سلبا على مخرجات برامج وإحداثيات التقييمات والتصنيفات المتخصصة في الإبداع والابتكار العالمي وأفضل بيئات العمل، والتي تقوم به بعض المؤسسات الموجهة للمعايرة الإنتاجية والإبداعية بين الدول، والتكامل بين القطاعات فيما تطبقه من معايير وأسس وأنظمة بانضباط وبكفاءة وبعدالة وبانفتاح معرفي وإبداعي وباعتمادية بشرية وإنتاجية وإدارية، سيدعم هذه التصنيفات الإبداعية ونتائجها، والتي بدورها ستعطي صورة مجملة عن المستوى التطبيقي والبعد المستقبلي الاستراتيجي للنمو نظير النضوج المعرفي والبحث في الولوج في أعماق التحديات التي تواكب الزمن ومتغيراته، مما يقلل الوقت ويسهل على الاستراتيجيين والمخططين النهوض بتوصياتهم وبمقترحاتهم نحو التطبيق السريع المقبول الذي لا يواجه بالصعوبات والتداخلات المشتِّتة بشكل حاد في قضايا الاعتماد والتقبل والتبني للتغيير والتطوير والنمو.

وعودة للعنوان وما يحويه من لبس عند منظور البعض، لنبين من خلاله أن السلالم المثبتة في أماكنها وغير المنقولة تشمل ثلاثة أنواع تقريبا؛ السلم المائل غير المتحرك التقليدي، والسلم المائل الكهربائي، والسلم العمودي الذي يوضع مجملا في المصانع لأنه لا يأخذ حيزا من الفراغ مقارنة بالأخرى، ويسمى باللغة الإنجليزية Monkey Ladder أي سلم القرد لو تمت ترجمته حرفيا، فالمغزى وراء الخوض في هذا المسمى له حكاية تشبيهية قريبة من الواقع، وقد نرمي بها في سياسة إدارية غير عادلة وقائمة في واقعنا المعاصر لنعطيها مسمى Monkey Ladder Policy سياسة سلم القرود.

فما يحدث في أي ساحة عملية مهتزة حقوقيا وفي أي بقعة في العالم ينطبق عليها تشبيهيا استخدام هذه السلالم الثلاثة؛ أولها سلم القرود داخل قفص شبه أسطواني للسلامة، وهو بحد ذاته استخدام سريع للصعود، كونه يدمج اليدين والرجلين في عملية الصعود التي لا يمكن استخدامها بتاتا دون هذا الدمج لعمودية التركيب حتى يتم التوازن وعدم السقوط، وهذا السلم تشبيه يسلكه المدللون والمرفهون من الموظفين الذين يراد لهم القفز على الآخرين في المراتب والتوظيف وبسرعة ولو بدون كفاءة «أي فوق القانون»، أما السلم الآخر المائل التقليدي، فهو مطبق على الأكثرية ممن هم أقل دلالا أو من المرضي عنهم، ليكملوا مسيرة الصعود العملي بهدوء وببطء «أي مع القانون»، أما السلم المائل الكهربائي فهو سلم قد يتم استخدامه كسلم القرود في القفز والصعود، كإضافة داعمة لمروجي ومستخدمي مبدأ «فوق القانون»، وقد يتم استخدامه باحترافية وذكاء وبمراوغة على الذين يعدون من البقية الباقية من غير المرضي عنهم، سواء باللعب به صعودا وهبوطا وهكذا.. أو توقيفا من أجل التأخير في الوصول، أو يتم استخدامه عليهم عكس السير لعدم الرغبة في الوصول بتاتا كالنحت في الصخر، في إشارة لمبدأ «تحت القانون» والسقوط بدل الصعود.

وبما أن اليوم يصادف اليوم الدولي لمكافحة الفساد، هل يعي المعنيون بالحقوق العمالية والباحثون في علوم الإدارة ما تحويه سياسة سلم القرود من معان فلسفية وضمنية لنشر العدل والإنصاف وعن مدى تأثير تحييدها على الإنتاج وجودة الحياة نتيجة الشعور بالأمان والراحة العملية نحو الاستمتاع والتلذذ بالإبداع، ويتجهون لوضع هذه السياسة نصب أعينهم وأبحاثهم العلمية والاستفادة من مغزاها في مجابهة المراوغين والمتسترين على أفعالهم المشينة، وفي الذود أيضا عن الساقطين في سلالم وطوابير التهميش والتحطيم والفساد العملي والإداري، والتي أثقلت كاهل المبدعين المبعدين من التطوير والتنوير، وإرجاعهم إلى الخط الإبداعي والإنتاجي السليم؟

zuhairaltaha@