زهير ياسين آل طه

سابك ونيوم.. وبُعد النظر لانترنت السمع بَعد النظر

الاثنين - 26 نوفمبر 2018

Mon - 26 Nov 2018

المجتمعات الذكية في عصر العولمة والثورة الصناعية الرابعة تتنافس وتدخل في صراعات وسباقات محتدمة للظفر بإبداعات وابتكارات متسارعة الواحدة تلو الأخرى من أجل الهيمنة الاقتصادية والسيطرة الاستراتيجية والسياسية أيضا على كل العوالم في الأرض «الأول والثاني والثالث»، وتسخير ما تتوصل إليه وتنتجه وتبتكره التقنيات الذكية الديناميكية للتواصل والربط المعلوماتي الشبكي بين التنظيمات الصناعية والتجارية والأمنية والبيئية، ومحاكاة الواقع وإدارة الحياة والتوقعات والاستراتيجيات تحت مظلة انترنت الأشياء IoT دون تدخل العنصر البشري مباشرة.

من الممكن اعتبار الذكاء الصناعي AI والواقع الافتراضي VR والواقع المعزز AR وبلوكتشين Blockchain من جملة أدوات العرض والربط والتشغيل والدعم والتعزيز والحماية من الاختراق لانترنت الأشياء إذا اتفقت وارتبطت وفُعِّلت وتفاعلت، بل تتعداها فيما تعزوه الأبحاث العلمية الراهنة والشركات المتخصصة المنتجة لأجهزة الاستشعار Sensors من توجه متعمق للتوسع المستقبلي في صناعة وصياغة انترنت الأشياء، لتصبح منظومة تكاملية ومتحركة شبه حية في التخاطب والاستشعار الحسي، بعدما بدأت محدودة بانترنت النظر أو العيون Internet of Eyes المستخدمة في تعرف الأجهزة الذكية والأمنية على الوجه وتمييز وتحديد الصور، وصولا إلى انترنت السمع أو الآذان Internet of Ears لاستخدامات مميزة في المباني للأجهزة وتفاعلها واستجابتها للأوامر مع بعضها البعض بالصوت، إلى الأكثر ارتباطا بالمجتمع والأرض والبيئة والبنى التحتية والفوقية في المستقبل القريب والبعيد.

ثمة تجارب علمية بحثية قريبة نفذت باستخدام أجهزة استشعار مطورة في المباني، لأستاذين في هندسة الكهرباء والحاسب الآلي بجامعة كيس ويسترن ريزيرف في أوهايو، خرجت في نوفمبر 2018 وهدفهما خلق مبان (شبه) تسمع وتتجاوب كأذن الإنسان، بحيث يقرأ نظامهما التجريبي ليس فقط صدور الاهتزازات والأصوات، ولكن حتى المشي المحدد أو الحركات الأخرى المرتبطة بالأشخاص والحيوانات في المبنى، بل يتعداه ليستشعر ويتعرف أيضا على أي تغيرات طفيفة في المجال الكهربائي المحيط وتحليله لخدمة انترنت السمع، ويؤملان الاستغناء يوما ما عن الكاميرات في المباني عبر تلك الأجهزة الاستشعارية التي تغرس أو تثبت في الجدران والأرض للحصول على المعلومات المهمة في كفاءة الطاقة والاستخدام الأمثل للإضاءة والتكييف وفقا لوضع المتواجدين من البشر وتحركاتهم وسلامة المبنى والإنشاءات والتعرض للزلازل، وستخدم بطبيعتها التكاملية انترنت الأشياء في المنظومة الشاملة المجتمعية التشغيلية والتقييمية والتخطيطية.

الجامعات والمدن العلمية والتقنية والجمعيات العلمية والشركات الصناعية والطاقة والكهرباء في المملكة لديها القدرة على دعم الأنشطة البحثية التي تخدم استدامتها ونموها بسرعة، وتسهم مع بعضها في تغيير نمط الحياة والإبداع في المجتمع من خلال ابتكارات انترنت الأشياء، وتستطيع أن تترك لنفسها بصمة وأثرا في هذا التنافس التقني المتفجر سريعا بالإبداعات والابتكارات، والمساهمة في صناعة المدن الذكية كمدينة نيوم الواعدة ببرامج مبتكرة وطنية جديدة من خلالها، وتطوير مبتكرات عالمية قائمة نحو التميز والتفرد الابتكاري العالمي واستغلال جيد للطاقات الوطنية النابضة والموجودة داخليا والأخرى القادمة من بلاد الابتعاث خدمة للتحول الوطني 2020 والرؤية المباركة 2030.

سابك كمثال حي ممثلة في الملكية الفكرية وبما تعنيه من استراتيجية عليا لديها، دعمت الكثير بل الآلاف من الابتكارات، وأسهمت في تسجيلها كبراءات اختراع لموظفيها، وأنا لست ببعيد عن هذا الدعم والمشاركة في التدريب والتنسيق والتوثيق للمبتكرين إبان وجودي في أحد قطاعات سابك كقيادي ابتكار واستدامة في أكثر من موضوع متعلق بالابتكار وانترنت الأشياء انطلاقا من 2010، ومنها برنامج متفرد لقياس الابتكار واستشراف مكامن التخصص كمالك لفكرته، وهو محرك الابتكار الديناميكي Dynamic Innovation Driver، تلاه مشروع مشترك مع مبتكرين باسم ستاند STAND الذي رسمنا خطته وبرمجته لقراءة وربط الأحداث والإنجازات في المنظومة التشغيلية والإدارية، وكان يلمس جانبا قريبا وجزئيا لانترنت الأشياء قبل أن يظهر ويشتد عالميا IoT هذه الأيام، وآخر يمثل في حقيقته ومضمونه انترنت السمع والنظر كجزء من انترنت الأشياء في الصناعة والطاقة، وملخصه أنه ينفرد في دراسة مهمة جدا بدأناها لمشروع متعلق بالسلامة المهنية ومرتبط بأجهزة الاستشعار لحماية العاملين داخل الأماكن المحصورة في الخزانات والمفاعلات وتحت الأرض، للتعامل مع تصرفاتهم وتحركاتهم ونبض قلوبهم وسقوطهم واختناقهم ونسبة الأوكسجين والغازات والحرارة حولهم، بالإضافة للاهتزازات الناتجة من تعاملهم مع المعدات والأجهزة في دائرة رقمية وتصويرية تقليدية وحرارية حية تتعامل مع بعضها ومع مناطق تشغيلية أخرى تستطيع أن تتجاوب مع متطلبات حياتهم وأعمالهم.

@zuhairaltaha