عبدالغني القش

المدينة خالية من التدخين.. هل تعود؟!

الجمعة - 23 نوفمبر 2018

Fri - 23 Nov 2018

سبق لهذه الزاوية التطرق لموضوع التدخين ووصفه بالجائحة التي تداهم مجتمعنا «جائحة تداهم بلادنا فهلا استيقظنا؟»، والمطالبة بضرورة التنبه لها، ومكافحتها ودرء مفاسدها والتوعية بأخطارها، وبذل كل الجهود لكي يتجنبها شبابنا وشاباتنا، والذين ربما غرتهم تلك الدعايات والإعلانات بلا إدراك للخطر الذي يقدمون عليه.

ونظمت بلادنا حملات عدة لمحاربة التدخين تحت شعارات عدة، منها «حج بلا تدخين»، «شباب بدون تبغ»، «أشعل أملا بإطفاء سيجارتك في رمضان».

كما قامت بمقاضاة شركات التبغ، وأعلنت مواصلتها تلك الحملات، بحسب وزير الصحة السابق.

وأذكر في هذا الخصوص أنه تم إعلان المدينة المنورة خالية من التدخين، وكان ذلك تحديدا عام 1428هـ، فكان الخبر مبهجا لكل محب لها، وبذلت حينها جهود جبارة، فتم منع بيع الدخان في المنطقة المركزية المحيطة بالمسجد النبوي الشريف، ثم منعه في الدائري الأول والثاني المحيطين بالمدينة المنورة، وأقيم عدد من الفعاليات التوعوية والتثقيفية لبيان خطر هذا الداء الذي عم شره وتطاير شرره.

لكن ثمة تحول في الفكر أدى إلى التراجع عن هذا القرار بحجج غير مقنعة، فكان أن تم السماح ببيعه بعد منع دام لأكثر من عشر سنوات، وهو ما أدى إلى نشوء حالة من الامتعاض، فمن المؤسف أن يوجد مسجد تاريخي أو موقع تعليمي ويتم تقديم التبغ بجواره وبأشكال مختلفة، في مظهر لا يمت لاحترام قدسية هذه البلدة المباركة بصلة، بل ويخالف النظام، ومن المشين أن تكون تلك المحلات في مداخل هذه المدينة الطاهرة!

إن الأرقام الصادرة عن مجلس وزراء الصحة التابع لمجلس التعاون الخليجي بأن السعودية تحتل المرتبة الرابعة بين دول العالم من حيث استيراد التبغ واستهلاكه، وأن السعوديين يدخنون مليارات السجائر سنويا، بتكلفة تبلغ مئات الملايين، محزنة ومفزعة في الوقت نفسه.

ولكن يبقى الخيرون صامدين أمام كل هذه التحديات، فكان أن صدر الأمر السامي الكريم بالموافقة على نظام مكافحة التدخين، وأصدر وزير الصحة اللائحة التنفيذية للنظام وبدء العمل به منذ العام الماضي، وتقوم اللجنة الوطنية لمكافحة التبغ بصحة المدينة المنورة بجهود جبارة، وقد كان لها قصب السبق في هذا، حيث رصدت ضمن أعمالها الرقابية الميدانية مخالفات عديدة لاستخدام التبغ جرى خلالها تحرير المخالفات المتضمنة تحصيل الغرامات طبقا للتنظيمات المتعلقة بهذا الشأن.

وفي السياق نفسه ينفذ برنامج مكافحة التدخين بصحة المدينة المنورة برامج توعوية في أماكن تواجد المستهدفين من المدخنين، تشمل التعريف بنظام مكافحة التدخين، وتقديم الاستشارات والتثقيف الصحي، بهدف الحد من نسبة التدخين والتدخين القسري «السلبي». وهيأ البرنامج 18 عيادة تقدم خدماتها العلاجية للمدخنين، وتتيح إمكانية حجز موعد عن طريق الاتصال بالرقم 973 أو عبر التطبيق الالكتروني «موعد» للاستفادة من الخدمات الطبية والتوعوية للإقلاع عن التدخين.

وقد وقفت على بعضها من قبل أخي الدكتور صالح أحمد ذياب وزملائه الفضلاء، وأرجو أن يجدوا العون من قبل كل من تعنيه صحة المجتمع وسلامته والمهتمين بتخليصه من هذه الآفة.

وهذه دعوة لجميع الهيئات والجمعيات والمراكز التطوعية في المدينة وغيرها، بل وأرجو أن يمتد ذلك للموظفين الحكوميين وفي الجهات الأهلية لبذل الجهد ومكافحة هذه الآفة بكل صورها وأشكالها.

ويبقى دور إعلامنا ليعاضد تلك الجهود ويساند القائمين عليها بالتغطية والمتابعة والإعلان، في وقفة صادقة من الجميع.

إن من المبشرات أن يتكاتف العالم لمكافحة التدخين، فوفقا لتقرير التقدم العالمي لعام 2018 الصادر عن منظمة الصحة العالمية، فإن 85% من الدول الأطراف قد حظرت بيع منتجات التبغ للقصر، وزاد عدد متزايد من البلدان الحد الأدنى لسن شراء منتجات التبغ.

واجبنا جميعا مواجهة كل ما يؤذي مجتمعنا، ويؤدي للإضرار به، وتجنيب جميع فئاته كل ما يؤدي لهلاكه، فهل نهب ونقف وقفة صادقة ونكافح التدخين؟!

والأهم: هل تعود المدينة المنورة خالية من التدخين؟

[email protected]