مي محمد الشريف

طالبان.. ودرب العودة!

الجمعة - 16 نوفمبر 2018

Fri - 16 Nov 2018

في نوفمبر عام 2001 سقطت كابول مع الهجوم الأمريكي وانسحبت الحكومة الأفغانية المعروفة بحركة طالبان بين الوديان العميقة والكهوف التي تخترق جبال أفغانستان الشامخة. وبعد 17 سنة من غزو جيوش الناتو بقيادة أمريكا ومقتل وتهجير مئات الآف من العوائل المسالمة جرى أخيرا استقبال وفد طالباني في العاصمة الروسية موسكو في أول مباحثات دولية رفيعة المستوى لمناقشة سبل السلام في أفغانستان، وقد تبين فشل الحلول العسكرية في إنهاء المعارك الدموية، وضعف الحكومة الأفغانية المدعومة من أمريكا لدرجة لا تستطيع معها مواجهة قوة طالبان التي زادت شعبيتها وسيطرت على 44% من الأراضي الأفغانية.

فكيف حافظت الحركة على بقائها، وما هي الأسباب التي أنعشتها مما أجبر القوى العالمية على بحث السبل الدبلوماسية معها عوضا عن القتال؟!

من أسباب النجاح في البقاء والتمدد على حساب الحكومة وجيوش الناتو تهاون المخابرات الباكستانية بردع الحركة من الهروب وصادف معها ولاء وتعاطف القبائل المحيطة التي استقبلتها وبادرت في إيواء عناصرها بمناطق باجور شمالا ووزيرستان جنوبا البعيدة عن سيطرة الحكومة، حيث لا تصل لها جيوش التحالف لخطورتها. في تلك المناطق وعبر التاريخ لم تنجح أي محاولة عسكرية للسيطرة عليها كمحاولات البريطانيين في الثلاثينات من القرن الماضي والسوفيت في السبعينات، وقد باءت جميعها بالفشل.

الأمر الآخر الهوية القبلية البشتونية في تلك المناطق مختلفة، ولم تستطع قوات التحالف إدراكها، فهي شديدة الولاء للقبائل نفسها، ويرى أفرادها أن الحكومة والجيش غرباء داعمون للعدو، لذلك كثرت الاغتيالات التي نظمتها طالبان بدعم من أبناء المنطقة لبعض رؤساء الشرطة والجيش ومحافظي المقاطعات وحتى زعماء قبائل ورجال الدين ممن نظر لهم على أنهم مؤيدون لحكومة مدعومة من الناتو.

ومن أسباب تقدم طالبان أنها تمارس الدعاية مع الشعب الأفغاني بأنها تقاوم الجيوش الغازية، فمن البدهي أن تجد مساندين لها شعبيا، سواء كانوا مؤيدين لأفكارها أو خوفا من دمويتها، فأصبح اليوم الوجود الأمريكي في أفغانستان ليس حلا، وإنما أصبح جزءا من المشكلة.

من الواضح أن الشعب الأفغاني يرفض ما يراه الغرب عدلا لهم، ويفضل التعايش مع الظلم الطالباني ليس حبا في طالبان، وإنما كرها بالغزاة. والحل سيكون بين الشعب نفسه من خلال تقوية حكومة موحدة بجيش أفغاني، والقضاء على البطالة والفقر الذي ساعد على تغذية الحركات المسلحة بالشباب العاطلين، والعمل بجدية على انسحاب قوات الناتو التي سببت قتل الآلاف ولم تنجح إلى يومنا هذا بحفظ الأمن في البلاد.

تعد حركة طالبان من الحركات الإسلامية المسلحة، تأسست في ولاية قندهار على يد الملا عمر، نجحت في فرض سيطرتها على 80% من الأراضي الأفغانية عام 1998، لكنها لم تصمد أمام الغزو الأمريكي عام 2001، وذلك في أعقاب هجمات 11 سبتمبر واتهامها بحماية زعماء القاعدة، لتسقط العاصمة في يد التحالف وتفقد طالبان سيطرتها تدريجيا.

ورغم ضخ الحكومة الأمريكية نحو تريليون دولار استمرت معارك الاستنزاف، ولم تستطع واشنطن مع تقدم أسلحتها وتجهيزات جيوشها القضاء على الحركة.

@ReaderRiy