عبدالغني القش

المعلم لا يغرق.. بأمر الوزارة!

الجمعة - 16 نوفمبر 2018

Fri - 16 Nov 2018

في كل مرة أجد نفسي مرغما على العودة والكتابة عن الهموم التربوية والتعليمية، خاصة عند صدور قرار من الوزارة التي يبدو أنها تصر على عدم إعطاء المعلم مكانته اللائقة، ومنزلته المستحقة، على الرغم من أن الوزير الحالي كان من أشد المناصرين لهذه القضية تحديدا!

والعجيب هو إعلان الوزارة عن يوم المعلم، بل وحددت عاما من الأعوام الماضية باسمه، لكن ثمة قرارات لا توحي بتحفيزه على العطاء، ومنحه ما يستحق من العناية والاهتمام!

هناك مؤشرات ودلائل لدى كل مؤسسة تثبت للعاملين فيها ما توليهم تلك المنشأة من صنوف الرعاية بأنماطها المتعددة، الصحية والاجتماعية، والنظامية وغيرها، بحيث يكون المنتسب إليها يعيش في حالة من الانتماء الشديد ليبذل قصارى جهده ويمنحها ما يستطيع من بذل وعطاء، كنتيجة طبيعية لما أولته إياه من عناية واهتمام.

وبودي أن يقف القائمون على الوزارة مع القرارات التي يصدرونها، ويعيدوا النظر في مردودها عند المعلم سلبا وإيجابا، ولا يتأتى ذلك إلا بعد معايشة الواقع الذي يعيشه هذا المعلم.

فعلى سبيل المثال لا الحصر؛ هل من تقدير المعلم (والمعلمة بطبيعة الحال) إلزامه بالحضور حتى مع قرار تعطيل الدراسة!

لا أتصور ذلك أبدا، فما قيمة وجود المعلم والمعلمة في مدارس تخلو تماما من الطلاب والطالبات؟ ولماذا يحضرون ويخاطرون بحياتهم، خاصة في حال وجود أمطار غزيرة؟ أم إن الوزارة تعتقد أن المعلم لا يغرق أبدا!

إن مثل هذا القرار يؤكد النظرة القديمة التي تركز على الحضور بغض النظر عن الإنتاجية، وهي التي جعلت كثيرا من الجهات تغرد خارج السرب، لأن الإنتاجية لا تعنيها، وإن أردت أن تضحك فلك أن تتصور موظفا يبصم في اليوم خمس بصمات!

وهنا أناشد مكاتب المحاماة بأن تقوم بشيء من مسؤوليتها الاجتماعية في الترافع عن من يغرق من المعلمين أو المعلمات أو في حال تعرضهم للخطر بمقاضاة المتسبب (من أصدر هذا القرار) والمطالبة بالتعويض المجزي وبملايين الريالات، وألا يتقوقعوا في مكاتبهم ولا تكون لهم وقفة مع أبناء المجتمع، خاصة المعلمين الذين كانوا هم السبب فيما وصلوا إليه.

وقد اعتمد وزير التعليم الدكتور أحمد العيسى مؤخرا تشكيل المجلس الاستشاري للمعلمين في دورته الأولى برئاسته، وعضوية 28 عضوا، وسيكون أول اجتماعاته في ربيع الأول الحالي من هذا العام.

ويترقب الجميع نتاج هذا المجلس الذي كان يفترض أن يكون أعضاؤه موزعين بالتساوي، فيختار من كل منطقة اثنان أو ثلاثة من الجنسين، وذلك لأن المعاناة والمشاكل التربوية والتعليمية تختلف من منطقة لأخرى، ولك أن تتصور منطقة بحجم المدينة المنورة لا يمثلها أحد على الإطلاق في هذا المجلس!

وينطبق ذات الحال على مناطق كبرى كالحدود الشمالية وتبوك والقصيم وغيرها، بينما يضم المجلس ممثلين لمحافظات صغيرة، مع احترامنا للجميع.

وكذلك وجود تعيينات في المجلس ما عدا رئيس المجلس وأمينه العام هو من باب الزيادة، فالمفترض أن يكون مجلسا للمعلمين يجتمعون مع الوزير بشكل دوري لطرح مشكلاتهم وبث معاناتهم بأمانة وأريحية تامة ليتم القضاء عليها بأسرع الطرق.

وقد اطلعت على شروط الترشيح لهذا المجلس فوجدتها يسيرة وفي متناول الجميع، ولكن يبقى العدل بين المناطق مطلبا ملحا، ويعيد ذلك الطرح السابق في إيجاد هيئة وطنية للمعلم تطرح قضاياه وتطالب بحقوقه، وتصدر المقترحات بعد المطالبات.

إن المعلم بحاجة لقرارات يكون من نتاجها إعادة هيبته واسترداد مكانته، ليعيش حالة نفسية يرى الجميع مردودها المتمثل في إنتاج جيل يفخر به الوطن ويفاخر، فهل تفعل الوزارة؟!

[email protected]