عبدالله المزهر

حقيقة وأمنية ومشكلة!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الخميس - 08 نوفمبر 2018

Thu - 08 Nov 2018

في الأماكن التي يتركها الحوثي خلفه وهو يولي الأدبار في اليمن لم تكن الصواريخ ولا الأسلحة ولا الدمار ولا التخلف هي أبرز ما يتركه وراءه.

الأمر ليس مفاجئا أن تكتشف أطنانا من المواد الغذائية في مستودعات عصابة فتى الكهوف، فجوع اليمن هو أحد أسلحته التي يستخدمها لكسب تعاطف من لا يريد أن يتعب نفسه ويعرف حقيقة ما يجري في اليمن الذي كان سعيدا ـ وسيعود كذلك إن شاء الله، لو وصلت هذه الأغذية والأدوية إلى اليمنيين لسقطت ورقة رابحة يستخدمها، فلم يكن ليجد صور أطفال يقتلهم الجوع والمرض يستعطف بها العالم.

والذين يتعاطفون مع تلك العصابة فريقان، الفريق الأول فريق يكره الحرب ابتداء، ويتعاطفون مع الحالات الإنسانية ويصدقون أن السبب في تلك المجاعة والألم والمرض هي قوات التحالف السعودي، ورغم أن الحقيقة يمكن الوصول إليها بقليل من الجهد، إلا أن تعاطف هؤلاء يمكن تبريره ـ على مضض، أما الفريق الآخر فهم الذين تبدو مهمتهم الوحيدة في الحياة هي شيطنة السعودية، سيتعاطفون مع الحوثي حتى لو رأوه يشوي أطفال اليمن ويأكلهم، وسيجدون لذلك مخرجا وتصريفا. لن يجدوا حرجا أن يقولوا أي شي حتى لو قالوا بأن السعودية قد غيرت جينات عبدالملك الحوثي وجعلته يحب أكل اللحوم البشرية.

ولذلك فمن المنطقي أن تمر على إعلام ذلك الفريق فلا تجد تصريحا ولا تلميحا عن أطنان الغذاء والدواء التي يحتفظ بها الحوثي في مخازنه، في الوقت الذي يصرف فيه خزينة الدولة وأرزاق الناس البسطاء لدعم «المجهود الحربي».

وسيبدو ضربا من الخيال والجنون أن نتخيل ذلك الإعلام يقول بأن مصدر تلك الأغذية والأدوية هي المملكة العربية السعودية.

أنا في الحقيقة لا أنتظر من ذلك الإعلام ولا ممن يقف خلفه أن يكشف الحقائق، ولا حتى أن يلمح لها، هو أولا وأخيرا إعلام معاد، ومن طبيعة الأعداء أن يفعلوا ذلك، الإساءة والتشويه أمر يبدو طبيعيا وفي سياقه حين يصدر من كاره أو عدو، لكني كنت أتأمل أن يكون إعلامنا على قدر المسؤولية ويتحدث بشكل احترافي عن حقيقة ما يحدث، وعن الدور السعودي الإنساني قبل العسكري، بعيدا عن إعلام الشيلات والأخبار التي تشبه أخبار إذاعة مدرسية في طابور صباحي. مباشرة ومملة ولا أحد يصدقها حتى لو كانت حقيقية.

وعلى أي حال..

سيهزم الجمع ويولون الدبر، وسيعود اليمن سعيدا وجميلا، هذه حقيقة لا أشك في حدوثها، أما الأمنية فهي أن يأتي يوم يصبح لدينا فيه إعلام محترف محترم حقيقي، وقد يقول قائل ذكي ـ والأذكياء كثر هذه الأيام ـ بأني جزء من هذا الإعلام بشكل أو بآخر، وأقول للسائل الكريم: لعلك أمسكت بأول خيوط حل المشكلة!

agrni@