انتقاد لغياب الاهتمام بالترجمة في المؤسسات الثقافية

السبت - 20 أكتوبر 2018

Sat - 20 Oct 2018

No Image Caption
سعد البازعي متحدثا في الملتقى الثقافي (مكة)
يختلف القراء في تقاطعهم مع تجربة الترجمة، فهناك من يرى المترجم مؤلفا آخر، وهناك من يعتبر اسم مترجم أو آخر سببا لاقتناء أو عدم اقتناء كتاب ما، وفي الحالتين تظل هناك منطقة تجب معرفتها في علاقة المترجم بالنص وتجربته الفكرية والنفسية والثقافية في نقله بين لغتين، ناقلا معه حياة وشخوصا وحضارات كاملة، وهذا ما ناقشه الملتقى الثقافي في جلسته التي عقدت الأربعاء الماضي في نادي شركة الكهرباء بالرياض.

تماثل اللغات

الكاتبة والمترجمة تركية العمري تحدثت عن بداية دخولها المجال عبر حب اللغة الإنجليزية في مرحلة الطفولة مرورا بدراسة الأدب الإنجليزي ووصولا إلى الترجمة التي استمدت قوة إضافية من وجود تجربة الكتابة الشعرية لدى العمري التي أصدرت أول كتبها في الترجمة بعنوان (ترانيم إلى فاطمة العمري) ومن ثم ترجمت سيرة الكاتبة كيت شوبان وعددا من قصائدها، لتتحول بعد ذلك لترجمة الشعر، فترجمت نيرودا، كاثلين رين، غابريلا ميسترال.

وترى العمري أن الصعوبات التي واجهتها تتخلص في عدم تماثل اللغات، وحساسية بعضها، ورغم سعادتها بما تراه على حسابات التواصل الاجتماعي من جهود لتنشيط الترجمة، إلا أنها تنتقد عدم وجود ورش عمل أو دورات أو لقاءات متخصصة، وكذلك ما وصفته بضعف وجود الترجمة في المؤسسات الثقافية الرسمية.

بدوره لا يزال الطبيب والمترجم الدكتور شريف بقنة يتذكر قصيدة (الغراب) لإدجار الان بو، والتي كانت أول محاولة ترجمة له والتي جعلته ينتظر عدة أشهر حتى يعود لترجمة الشعر، يضيف «وقعت على كثير من دراسات نظرية الترجمة و قرأت أعمالا مترجمة أكثر وتأملت، حتى وجدت ضالتي في طريق ينتصف الحرفية والفنية كآلية للترجمة، وفي قصيدة النثر كتقنية يمكن ترويضها للترجمة، خاصة أنني أحب قصيدة النثر وأكتبها».

بقنة يصف الكتاب في لغته الأجنبية بأنه أشبه بمدينة متخمة بالأزقة، وأنه يبدو مثل السائح الذي لا يكتفي بالمرور فيها، وإنما يستغرق في تفاصيلها، مضيفا «الترجمة غواية لا أكف عن تكرارها».

تجربة معرفية

من جانبه، تحدث الدكتور سعد البازعي عن تجربته في ترجمة كتب ونصوص إبداعية، معلقا «لكل من تلك تجربة مختلفة ودلالات مختلفة أيضا. في الحالتين هناك اختيار، والاختيار بحد ذاته دال على رؤية شخصية، لكن ترجمة النصوص الإبداعية يأخذني إلى درجات من الحميمية أو القرب من النصوص يصعب العثور عليه عند ترجمة كتاب فكري أو تاريخي.

والحميمية هنا نابعة من طبيعة النصوص بالتأكيد، أنها تحتاج إلى معايشة عن قرب، تداخل بالنص، انغمار به، احتضان له، بهدف استكشافه من الداخل».

وأضاف البازعي «مع أن ذلك لا يتيسر بسهولة فإن الترجمة الإبداعية تعيش معي تجربة التحول نحو الإبداع وليس مجرد النقل من لغة إلى أخرى. مع الكتب هناك تجربة معرفية ومعايشة لمفاهيم وآراء تستدعي انغمارا من نوع آخر، هو الانغمار الفكري بالمعرفة وبالاختلاف الثقافي. وهي بطبيعة الحال تجربة ثرية دون شك».