عبدالله المزهر

الذئب الذي أكل يوسف!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الاحد - 14 أكتوبر 2018

Sun - 14 Oct 2018

كيف ستتجاوز السعودية مشكلة اختطافها لجمال خاشقجي؟

هل ستحاكم السعودية المسؤولين عن قتل جمال خاشقجي؟

هل ستفرض عقوبات على السعودية بسبب اغتيالها جمال خاشقجي؟

من سيدفع ثمن الجريمة التي ارتكبتها السعودية؟

هذه الأسئلة التي تتكرر في الإعلام المضاد وفي الإعلام الباحث عن الإثارة، ليست أسئلة للبحث عن الحقيقة، ولا حبا في الحرية ولا بحثا عن العدل ولا انتصارا للكلمة ولا تنويرا للمشاهد والمتابع، هي أسئلة تشبه تماما ذلك السؤال الذي يسأل في مسابقات المدارس الابتدائية: ما اسم الذئب الذي أكل يوسف؟

حين يوجه هذا السؤال في وسط مجموعة من الأسئلة فإن الشخص الذي وجه إليه السؤال يبدأ التفكير في الإجابة، ومحاولة تذكر الاسم، وهو على قناعة أن اسم ذلك الذئب قد مر عليه من قبل ولكنه نسيه!

هذا التكتيك هو تماما ما يعمل عليه الإعلام الموجه للشأن السعودي، محاولة ترسيخ معلومة خاطئة من خلال أسئلة غير مباشرة باستخدام طريقة «اسم الذئب»، والتي تكون أكثر فعالية إذا استخدمت بالتزامن مع تكتيك «بكاء إخوة يوسف».

في هذه الحالة يذهب المتابع لا إراديا إلى محاولة الإجابة عن السؤال متجاهلا الحقيقة وهي أنه لا يوجد ذئب من الأساس، وفي حالة خاشقجي يتجاهل أي سيناريو آخر ويبتعد كثيرا عن الإجابة عن السؤال الأهم وهو: من الفاعل؟ لأن الأسئلة لم تترك له مجالا للتفكير في أي فاعل آخر.

الأمر الآخر..

أظن أنه من الطبيعي أن يبدو الصوت الذي يوجه الاتهام أقوى من صوت المتهم، لأن المجال لديه أرحب ويمكنه قول أي شيء وبأي طريقة، والاتهامات والقصص التي يمكن حبكها وتأليفها حولها هي المادة التي يبحث عنها الإعلام في كل أصقاع العالم. صناعة الإثارة والترقب وساعات الهواء الكثيرة لا يمكن أن تحدث دون إبقاء الاتهامات وتنويعها وإلهاء المتابع بقصص جديدة تكون في العادة لدى من يوجه الاتهامات. أما من توجه إليه الاتهامات ففي الغالب تكون ردة فعله دفاعية، كلها تدور حول فكرة «لست أنا الفاعل» لأن المتهم ليس معنيا بصناعة

السيناريوهات وتخيل الأحداث، وهذه مادة ليس فيها ما يمكن أن يثير المشاهد ويبقيه متابعا.

فإن أضفنا إلى ذلك أن الفكرة ليست فقط في صناعة الإثارة، وأن الحدث ليس حدثا عاديا أو اجتماعيا، ولكنه حدث سياسي كبير له تبعاته، فإنه من غير المتصور أن يصحو الضمير فجأة ويقرر الإعلام المعادي أن يكون مهنيا وواقعيا، هي دون شك فرصة لتكثيف ما كان يمرر بين السطور إلى أن يكون المادة الرئيسية وربما الوحيدة التي تملأ بها ساعات البث. والمتابع العادي سيجد صعوبة تصديق أن كل هذا مجرد تلفيق وتأليف، لأنه تحت تأثير جموع المذيعين الذين جاؤوا إليه ـ في كل وقت ـ يبكون.

وعلى أي حال..

وبعيدا ـ ليس كثيرا ـ عن اسم الذئب وبكاء إخوة يوسف، فإن بعض إعلامنا من مسببات الإحباط في هذه الحياة البائسة، وينقصه الكثير. وأي إعلام ينتظر «التوجيهات» ليس إعلاما حقيقيا ولا ينتظر منه الكثير.

agrni@