عبدالله المزهر

اغتيال المنطق في قضية جمال!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الاحد - 07 أكتوبر 2018

Sun - 07 Oct 2018

بداية فإني أتمنى أن تكون كل الأخبار المتداولة عن الأستاذ جمال خاشقجي غير صحيحة، وأن يكون سليما معافى وفي صحة جيدة.

والحقيقة أني لا أحب أن أمارس دور المحقق، ولا صناعة الافتراضات التي لا أعلم عن خباياها، والحقيقة الأخرى أني بالفعل لا أعلم خبايا أي شيء. ولذلك فإن المنطق يقول إنه والحال كذلك فإنه يجب أن أصمت. والصمت حكمة ـ كما تعلمون ـ لكن المشكلة أني لست حكيما بما يكفي.

ولو افترضنا جدلا أن الأستاذ جمال قد تعرض بالفعل لمكروه أو أذى فإن المنطق ـ مرة أخرى ـ يقول إن من أبجديات التحقيق في أي قضية هي أن أصابع الاتهام تتوجه في البداية إلى المستفيد من الجريمة.

وأظن أنه من السفاهة وقلة الدبرة اعتبار الحكومة السعودية واحدا من ضمن المستفيدين من الإضرار به بالشكل الذي يروج له الإعلام. فالعكس هو الصحيح تماما، المتضرر الأكبر من وقوع أمر كهذا هي الحكومة السعودية وسمعتها، والضرر الذي يسببه الإضرار بالصحفيين وإخفائهم أكثر بكثير جدا من الضرر الذي قد تسببه كلمات الصحفي أو صاحب الرأي. وإذا كانت الفكرة أن مقالا أو رأيا قد يصنف على أنه تشويه لسمعة الوطن فإن إخفاء قائل ذلك الرأي أو التنكيل به تدمير لتلك السمعة من الأساس. وسواء كنت تختلف مع السعودية أو تتفق معها فإنك تعلم يقينا ـ حتى وإن تظاهرت بأنك لا تعلم ـ أنها ليست بهذا الغباء والسذاجة التي تجعلها تترك كوكب الأرض الفسيح ثم تؤذي صحفيا داخل قنصليتها.

لا أريد اتهام أحد بعينه لسببين، الأول هو أني لا زلت آمل ألا يكون قد تعرض لمكروه من الأساس، والثاني هو أني لا أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه، ولكن منذ أن اختفى وكثير من الذين يتباكون عليه ينتظرون اللحظة التي يتأكد فيها أنه لن يظهر إلى الأبد وليس العكس، لأن فائدتهم من اختفائه أكبر بكثير من ظهوره، بل المؤكد أن عودته وظهوره مجددا سيكون أمرا عديم الجدوى والفائدة وسيجعل الكثير من الهجمات المعدة سلفا تموت في مهدها.

وقد تكون القضية برمتها جريمة جنائية لا علاقة لها بالسياسة ولا بالسياسيين ولا بالرأي ولا بالتفكير من الأساس، وربما يكون من أضر أو آذى وأخفى خاشقجي لا يعرفه من الأساس، لكن الفكرة هنا هي فيما بعد الحدث، وتوظيف الحدث وتأليف القصص التي تناسب أجندات واضحة لكل إنسان يستخدم الحد الأدنى من قدراته العقلية.

وعلى أي حال..

حفظ الله الجميع من كل مكروه، وأرجو حين ينشر هذا المقال أن يكون قد تبين للناس أن كل الأخبار التي يتم تداولها حول هذا الأمر غير صحيحة، وأن يعود الأستاذ جمال لأسرته ومحبيه، لا أتمنى الأذى لأي إنسان مهما كانت درجة الخلاف معه. وليت أن هذا العالم يهدأ قليلا حتى يتفرغ البشر للحياة ولو على سبيل التجربة!

agrni@