عبدالله المزهر

لا شيئيات!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الاثنين - 24 سبتمبر 2018

Mon - 24 Sep 2018

هذا اليوم سيكون اليوم الأول الذي أخرج فيه من المنزل بعد أربعة أيام متواصلة من عمل اللا شيء بكل تميز. أنا أجيد بالفعل عدم القيام بأي شيء ولأطول فترة ممكنة. وأتمنى أن يأتي اليوم الذي يتم فيه تكريم أمثالي من اللا شيئيين، وأقترح ـ وهذا ليس شيئا بالمناسبة ـ على من يهمهم الأمر أن يفكروا جديا في إنشاء جائزة سنوية للمبدعين في هذا المجال المهم.

وأظن ـ غير آثم إن شاء الله ـ أن الجائزة لن تفلت مني سنين عددا.

في الإجازات الرسمية، خاصة التي يصاحبها احتفالات وصخب ومهرجانات أعتبر الخروج من المنزل حماقة غير مبررة، والحقيقة أني أعتبر الخروج من المنزل عملا غير مبرر في أي وقت ما لم يكن بهدف الذهاب إلى العمل أو للقيام بالأعمال التي لا فكاك ولا مجال للهروب منها.

وحين أصبح ثريا فاحش الثراء ـ قريبا إن شاء الله ـ فإن ما سيجعلني سعيدا بثرائي هو أني لن أكون مضطرا للخروج لأي سبب سواء كان عملا أو غيره. سأجلس مسترخيا أحدق في اللا شيء كما أفعل دائما حتى أفنى أو تفنى ثروتي.

الزحام من أكثر الأشياء التي أمقتها، ولذلك فإني أعتبر الموت خيارا جميلا مقابل فكرة الحياة في بعض المدن ـ دون تحديد أسماء حتى لا يغضب مني سكان الرياض وجدة، وأيام الاحتفالات والمهرجانات تصبح كل المدن مرتعا خصبا يتكاثر فيه الزحام والمزدحمون.

وفي أحيان ـ ليست كثيرة ـ أحسد أولئك الذين يحبون التجمهر والسير في مسيرات وتظاهرات لأنهم يستمتعون بشيء بغيض والاستمتاع أحد أهم طرق مقاومة وجع الحياة.

أحاول فهمهم ليس لأني أعتبر أن فيما يقومون به مشكلة وأفكر في حلها، ولكني أبحث عن مدخل يجعلني أحب ما يحبون وأكره ما يكرهون. لأنها تبدو فكرة بائسة أن يعيش الإنسان حياته كلها يكره ما يحبه الناس ويحب ما يكرهون. والحياة هذه الأيام تتطلب أن تتخلى عن قناعاتك وأفكارك الخاصة وتتبنى موقفا جماعيا حتى لو لم تفهمه، أو لم تحبه فهذا ربما يجعل الحياة شيئا يمكن أن يعاش.

وعلى أي حال..

لست ضد السعادة والفرح والاحتفال والبهجة، بل إني أعتبرها أهم ما في الحياة، وكل ما يفعله البشر وما يعانونه من جهد وتعب وشقاء يريدون أن تكون محصلته النهائية هي أن يكونوا سعداء ومبتهجين. لكني ـ أحيانا فقط ـ لا أحب الزحام والفوضى التي يتسبب في خلقها أولئك السعداء المتراقصون في الشوارع والطرقات.

agrni@