عبدالله المزهر

الأمم المتحدة ابنة الحقبة ..!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الخميس - 20 سبتمبر 2018

Thu - 20 Sep 2018

الأمم جمع أمة، وهي الجماعة من الكائنات بينها روابط مشتركة، سواء كانت جماعة من البشر أو من الكائنات الأخرى. فالطير أمة، والزواحف أمة، وبنو آدم أمة، ثم تتفرق كل أمة إلى أمم كلما تباعدت المشتركات، وكثر الاختلاف في الصفات.

أما الأمم المتحدة فهي كيان نشأ على أنقاض كيان فاشل آخر اسمه « عصبة الأمم»، وكلا الكيانين ـ البائد والمعاصر ـ نشأ في القرن العشرين، أي بعد وجود الإنسان على الأرض بآلاف السنين. وفيما أعلم فإن الأمم البشرية منذ وجودها على هذا الكوكب البئيس كانت لها مشاكلها التي لا تنتهي ولم يكن من بين تلك المشاكل عدم وجود هيئة الأمم أو عصبتها.

أما حقبة الأمم المتحدة فإنها الحقبة من تاريخ البشرية التي كانت فيها أغلب مشاكل أمة «بني آدم» بسبب هيئة الأمم نفسها، فلا هي حلت نزاعا، ولا هي أوقفت مستبدا عن استبداده، ولا أنبت طاغية، ولا كانت عونا لضعيف ولا لصاحب حق، ومعيار الحق لديها هو ما يراه الأقوى.

وكل ما فعلته أنها وفرت غطاء كأنه الحق، يتيح للأقوياء أن يفعلوا بالضعفاء ما يريدون وقتما يريدون وكيفما يريدون.

والحقيقة أن هذا يبدو مقبولا ومنطقيا بين «الأمم البشرية»، فالأقوياء يفعلون ما يريدون منذ بدء الخليقة، لكن حين تلبس هذه المنظمة رداء الفضيلة فإن الأمر يبدو مستفزا أكثر من استفزاز وجودها.

وأصبح واضحا أن هذه الهيئة الموقرة ابنة هذه الحقبة المظلمة من تاريخ البشرية تفعل ما بوسعها لإطالة أمد الصراعات، فلا معنى لوجودها أصلا لو لم يكن هناك صراعات بين الأمم الآدمية، وفي اليمن على سبيل المثال لا الحصر، ولأنه الواقع القريب زمانا ومكانا ويمكن ملاحظته بسهولة، فإن الأمم المتحدة تستنفر كافة قواها كلما شعرت بأن الاقتتال هناك على وشك الانتهاء، ثم تصدر بيانا أو تطالب بأمر تكون نتيجته الحتمية هي إطالة أمد الحرب.

والحقيقة أن الحرب كائن بغيض لا يحبها ولا يتمناها أي كائن بشري سوي لا يعاني من أي اختلالات نفسية أو عقلية. والحقيقة الأوضح أن موت الأبرياء عموما والأطفال على وجه الخصوص هو الوجه الأكثر بشاعة في الحرب، أما الحقيقة الأكثر نصاعة ووضوحا في اليمن فإن ميليشيا فتى الكهوف هي التي تجند الصغار وترمي بهم في نار جبهات الاقتتال والموت، وتبعدهم عن مقاعد الدراسة والحياة، هذا أمر يعلمه اليمنيون ويعلمه من يعرف اليمنيين، أما الأمم المتحدة فلا تريد الاعتراف بأنها تعلم هي الأخرى. مع أنها تعلم وتعلم أن كل «الأمم» تعلم أنها تعلم.

وعلى أي حال ..

هي حقبة ستمضي كما مضى غيرها، وليس جديدا على الإنسان أن يموت قهرا وظلما، فهذه هي الطريقة المفضلة للموت التي يمارسها هذا الكائن الحي منذ استخلافه في هذا الكوكب. ومنذ أن انقسم البشر إلى أمتين، أمة هابيل وأمة قابيل، ونصفها يبطش بالنصف الآخر، وعند الله تجتمع الخصوم!

agrni@