عبدالله المزهر

قانون مكافحة رائحة الأطفال السعداء...!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الأربعاء - 19 سبتمبر 2018

Wed - 19 Sep 2018

من حسن حظ الناس أني لست مشهورا أسوق عليهم بضائع وأصف لهم منتجات وأنصحهم بزيارة دكاكين بعينها دون سواها.

في مجتمعي الصغير فإن توصياتي حول السلع والأشياء لا يؤخذ بها ويذهب البعض إلى اعتبارها دليلا على العكس، فحين أوصي بشيء فإن هذا يعني بالضرورة تجنبه والبحث عن غيره.

لو كنت أحد مشاهير وسائل التواصل لكان الوضع أسهل لأنه لا أحد يعرفني أو بمعنى أدق لن يعرف الناس عني إلا ما أريد أن يعرفوه.

أنا محبط لأن السوق الإعلاني في وسائل التواصل فرصة يبدو أنها قد فاتتني، ولا سبيل إلى اللحاق بها لأني أحتاج إلى التأقلم على «وساعة الوجه» وهذا أمر قد يأخذ مني وقتا طويلا.

وأظن أن السبب في رواج هذا السوق هو أن الناس تتعامل مع المعلن كشخص وليس كوسيلة إعلامية أو إعلانية، يشاهدون تفاصيل حياته ويناقشونه فيها حتى يتسلل إلى عقلهم الباطن وهم أنهم يعرفونه وأنه صديق حقيقي، وهذا لا يتوفر في وسائل الإعلام التقليدية.

يصبح الضحية جاهزا لتقبل الإعلان على أنه نصيحة من صديق، ثم يتم توجيهه بسهولة إلى ما يراد له أن يفهم ويعتنق ويعتقد في الحياة والسياسة والاقتصاد، وفيما يشتري وما يبيع وما يأكل وما يلبس وما «يخلع».

وهذا أمر خطير، ومما يزيد خطورته ـ إضافة إلى أني لست أحد المستفيدين منه ـ هو أنه لا ضابط ولا رقيب ولا حسيب على ما يقال، خاصة في مجال الإعلانات.

الأمر المحبط الآخر الذي جعلني أتراجع عن المغامرة والبحث عن الشهرة بأي طريقة كخطوة أولى قبل أن أبدأ في بيع الوهم للناس هو أني قرأت أن هناك مشروع نظام للإعلان والتسويق في مجلس الشورى تقدم به الصديق عبدالله السفياني، وأيدته لجنة الثقافة والإعلام في المجلس، وتضمن نص مشروع النظام على إنشاء جمعية وطنية لمعايير الإعلان والتسويق من أجل الضبط وحل إشكالات هذا السوق، وكلمة إشكالات هنا تعني «الفوضى والنصب». وحسب هذا النظام ـ إن تم إقراره ـ فإنه لن يتم الإعلان في الشبكات الاجتماعية بكافة أشكالها وأنواعها دون الحصول على تصريح رسمي من جهة رسمية مسؤولة.

وهذا ليس مستغربا من أصدقائي فهم عقبة دائمة في طريق مشاريعي وأحلامي وطموحاتي منذ أن عرفت أولهم وأظن أن هذا لن يتغير حتى أدفن آخرهم.

وعلى أي حال ..

فإن الجانب المشرق في هذا القانون هو أنه يشبع غريزة الحسد لدي، فعلى الأقل لن يكون بمقدور أي أحد أن يتحدث عن المنتجات التي لها رائحة الأطفال السعداء ويأخذ أموالا مقابل ذلك. سأكون سعيدا أنه ربما سيجعل الكثير من الناس يتعاملون مع المشاهير وإعلاناتهم كما يتعامل أهلي مع توصياتي. فالمساواة في «التجاهل» عدالة!

@agrni